kawalisrif@hotmail.com

الجامعة الغينية تختار ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء لاحتضان مواجهتها الحاسمة ضد الجزائر

الجامعة الغينية تختار ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء لاحتضان مواجهتها الحاسمة ضد الجزائر

في قرار لافت يحمل أبعادًا رياضية وجيوسياسية في آنٍ واحد، أعلنت الجامعة الغينية لكرة القدم عن اختيار ملعب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء لاحتضان المباراة الحاسمة التي ستجمع منتخب غينيا بنظيره الجزائري، وذلك يوم 8 شتنبر المقبل، ضمن التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026.

ويعكس هذا القرار مرة أخرى المكانة المتصاعدة للمملكة المغربية كحاضنة أولى للفعاليات الرياضية القارية، بعد أن تحوّلت منشآتها وبنيتها التحتية إلى مرجع قارّي للاتحادات الإفريقية التي تعاني من إكراهات تنظيمية داخل بلدانها. كما يترجم هذا الاختيار مستوى الثقة الكبير في القدرة التنظيمية المغربية، والتي كرّسها النجاح المتواصل في احتضان مباريات دولية لمنتخبات إفريقية عدة، بما في ذلك في مراحل حاسمة من تصفيات المونديال وكأس الأمم.

لكن الأهم في هذا السياق، أن المنتخب الجزائري سيكون الطرف الثاني في هذه المباراة، وهو ما يضفي على الحدث أبعادًا رمزية لا تخفى، خاصة في ظل السياق السياسي المشحون الذي يطبع العلاقات بين الرباط والجزائر منذ سنوات. فأن تُلعب مواجهة رياضية بهذا الوزن على أرض مغربية، وبحضور منتخب الجارة الشرقية، قد لا يكون مجرد مصادفة، بل هو مشهد محمّل برسائل ناعمة لا تغيب عن دوائر التحليل الدبلوماسي والرياضي معًا.

وبينما اختارت الجامعة الغينية أرض المغرب كملاذ رياضي آمن ومؤهل، يرى مراقبون أن الأمر يتجاوز الحاجة اللوجستيكية، إلى التعبير عن تقارب سياسي واقتصادي متنامٍ بين المغرب وعدد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء، ضمن ما يُعرف بديبلوماسية الرياضة التي باتت الرباط توظفها بذكاء لتعزيز نفوذها القاري وترسيخ عمقها الإفريقي.

من المرتقب أن تحظى هذه المباراة بمتابعة إعلامية واسعة، ليس فقط لما تحمله من رهانات كروية متقدمة، ولكن أيضًا بسبب التوتر الصامت الذي يرافق دائمًا تنقّلات المنتخب الجزائري خارج الحدود، وخاصة إلى بلد يُعتبر “خصمًا استراتيجيًا” في ملفات إقليمية شائكة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

وقد اعتبر بعض المتابعين أن قبول الجزائر خوض مباراة على الأراضي المغربية – ولو في إطار مباراة “مضيفة” لمنتخب غينيا – قد يضعها أمام اختبار مزدوج: الالتزام بالروح الرياضية من جهة، ومجاراة الرأي العام الداخلي الذي اعتاد على التصعيد تجاه كل ما هو مغربي من جهة أخرى.

وجدير بالذكر أن المغرب احتضن خلال السنوات الأخيرة العشرات من المباريات الرسمية لمنتخبات إفريقية مثل مالي، وبوركينا فاسو، وليبيريا، وتشاد، وغيرها، مؤكداً ريادته كمنصة إفريقية للرياضة وكمركز استقطاب قاري في مجالات تتجاوز الرياضة نحو الأبعاد الجيوستراتيجية والتنموية.

وفي انتظار ما ستسفر عنه مواجهة 8 شتنبر، تبقى الدار البيضاء على موعد مع لحظة رياضية ذات نكهة سياسية بامتياز، حيث لا تُلعب الكرة فقط على العشب الأخضر… بل تُرسم أيضًا في كواليس السياسة الإقليمية وصراعات النفوذ الهادئة في القارة السمراء.

26/07/2025

Related Posts