kawalisrif@hotmail.com

الناظور … فاجعة “تشارنا” : حين يتحوّل الاصطياف إلى مأتم، والبحر إلى مقبرة !

الناظور … فاجعة “تشارنا” : حين يتحوّل الاصطياف إلى مأتم، والبحر إلى مقبرة !

في حادث مأساوي يُجسد فوضى الاستجمام البحري وغياب الرقابة المؤسساتية، لقي شاب في مقتبل العمر مصرعه، مساء الأحد 27 يوليوز 2025، بعد أن صدمته دراجة مائية (جيت سكي) يقودها أحد المصطافين بتهور وسط مياه شاطئ “تشارنا” التابع لإقليم الناظور. هذه الواقعة المفجعة، التي اهتز لها الرأي العام المحلي، أعادت إلى الواجهة واقعًا خطيرًا تعيشه شواطئ الإقليم، حيث تتحوّل أماكن الاستجمام إلى ساحات مفتوحة للموت.

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور عبّرت، في بيان استنكاري حازم، عن قلقها العميق وأسفها البالغ حيال هذه الفاجعة، معتبرة أن ما جرى ليس حادثًا عرضيًا، بل نتيجة مباشرة لفشل بنيوي في توفير شروط السلامة البحرية وغياب الحوكمة الأمنية والتنظيمية.

البيان حمّل الجهات الترابية والأمنية كامل المسؤولية، منتقدًا تقاعس السلطات المحلية والإقليمية عن اتخاذ إجراءات وقائية لحماية أرواح المواطنين من الفوضى العارمة التي تشهدها الشواطئ، خاصة بسبب الاستعمال العشوائي للدراجات المائية. كما دعا إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف يُحدد المسؤوليات ويربطها بالمحاسبة، مع ضرورة إصدار إطار قانوني صارم ينظم أنشطة الترفيه البحري.

وإذا كانت الجمعية الحقوقية قد دقّت ناقوس الخطر، فإن جريدة كواليس الريف كانت السباقة إلى كشف عدد من مظاهر الفساد والتسيب التي تنخر البنية التدبيرية للشأن المحلي، وعلى رأسها ملف احتلال الملك العمومي البحري من طرف ما وصفتهم بـ”المستبدين الجدد”، وفي مقدمتهم المدعو بوجمعة فولكو، الذي يُسيطر بطرق ملتوية على عقارات جماعية حيوية، من بينها ما يُعرف بـ”عقار الكانتينا” المتاخم لشاطئ تشارنا .

هذا العقار، المفترض أن يُوظف لخدمة المصلحة العامة، أصبح ـ حسب تحقيقات صحفية موثقة ـ رهينة في يد قلة من المحظوظين، يُسيّرونه كما يشاؤون في غياب أي رادع قانوني أو مراقبة مؤسساتية فعلية. وهو ما يُعزز الإحساس الجمعي بانعدام العدالة المجالية، واستباحة ثروات الجماعة لأغراض خاصة، على حساب سلامة وأرواح المواطنين.

في ظل هذا الواقع المختل، ليس غريبًا أن تتحوّل السباحة إلى مغامرة مميتة، وأن تتحوّل الدراجات المائية إلى أدوات قتل متنقلة، في مشهد عبثي تتحمّل فيه الدولة المحلية جزءًا كبيرًا من المسؤولية.

فهل ننتظر فاجعة جديدة حتى نُدرك أن أرواح المصطافين لا يجب أن تكون ثمنًا لعجز الإدارات وتواطؤها؟ أم أن “الموسم” سيمضي ككل مرة، وتمرّ معه الدماء في البحر كما لو أنها لم تكن؟

لقد آن الأوان لوضع حد لهذا التسيّب المزمن، وإعادة الاعتبار للملك العمومي البحري، وتفعيل آليات المحاسبة، وإلا فإن القادم أخطر، ما دام بحرنا بلا قانون… و”فولكو” ومن على شاكلته فوق كل رقابة!

28/07/2025

Related Posts