الإنترنت في المغرب ..استهلاك متزايد وأرباح غير متكافئة

يكشف نمط استخدام الإنترنت في المغرب عن مفارقة واضحة بين تفضيلات المستهلكين وعوائد السوق الاقتصادية، حيث يُقبل المغاربة بكثافة على خدمات الإنترنت الثابت، بمعدل استهلاك سنوي يصل إلى 427 جيغابايت للفرد الواحد، مقابل 13 جيغابايت فقط في خدمات الإنترنت المحمول، بحسب ما صرح به مسؤول في الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات. ويؤدي هذا الاستعمال المرتفع، خاصة خلال فترات الذروة، إلى ضغط كبير على الشبكات، خصوصا مع انتشار تطبيقات ذات استهلاك كثيف للمعطيات مثل “نجمة 6″، إلى جانب توسع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء التي تعتمد على شبكات متقدمة وذات موثوقية عالية.

ورغم هذا الطلب المتزايد، لا تحقق خدمات الإنترنت الثابت عائدات مالية موازية لحجم استهلاكها، إذ لا تتجاوز قيمة كل جيغابايت مستهلكة 0.5 درهم، مقارنة بحوالي 30 درهما تحققها نفس الكمية من الإنترنت المحمول. هذا التفاوت الكبير يطرح تحديات جوهرية أمام نموذج التمويل والاستثمار في القطاع، حسب ما أكده مصدر مسؤول من الوكالة الوطنية. ويعود هذا التباين، حسب المعطيات المتوفرة، إلى طبيعة الاستعمال المنزلي والمؤسساتي للإنترنت الثابت، والذي يركز أساسا على خدمات البث التدفقي، والألعاب الإلكترونية، والتخزين السحابي، في حين يُقيَّد استخدام الإنترنت المحمول بعوامل التكلفة والسعة المحدودة.

وتؤكد شركات الاتصالات أن استمرار الضغط على الشبكات الثابتة يفرض استثمارات ثقيلة في البنيات التحتية، دون أن يقابله مردود مالي يضمن استدامة النموذج الاقتصادي المعتمد. في المقابل، تظل خدمات الإنترنت المحمول أكثر ربحية، لكنها تواجه عراقيل تتعلق بتكلفة الأجهزة، وضعف التغطية في عدد من المناطق النائية، ما يحول دون تعميم الاستفادة منها. وتبرز هذه المعطيات، وفق مصادر كواليس الريف ، الحاجة إلى إعادة النظر في النموذج الاقتصادي لقطاع الاتصالات بالمغرب، بما يوازن بين الربحية والعدالة الرقمية، ويضمن وصولا عادلا إلى الإنترنت عالي الجودة لكافة فئات المجتمع.