في حادث مأساوي يُعيد إلى الواجهة فوضى الأنشطة البحرية وغياب الحماية بشواطئ إقليم الناظور، لقي شاب مصرعه، ظهر الأحد، بشاطئ تشارانا بجماعة بني شيكر، بعدما صدمته دراجة مائية (جيتسكي) كان يقودها شخص بسرعة مفرطة وبأسلوب متهور، قبل أن يلوذ بالفرار نحو وجهة مجهولة.
الضحية، وهو صياد شاب يمارس الصيد بالغطس، فارق الحياة على الفور متأثرًا بإصابة بليغة على مستوى الرأس، وسط ذهول المصطافين الذين عاينوا المشهد المروع، في غياب تام لأي تدخل إسعافي أو حضور لعناصر الوقاية المدنية، ما حال دون تقديم أدنى محاولة إنقاذ في اللحظات الحرجة.
وفي ظل تضارب المعطيات بشأن تفاصيل الحادث، يبقى السؤال معلقًا: هل التزم الضحية بضوابط الصيد تحت الماء، وعلى رأسها وضع عوامة حمراء تحمل علمًا تحذيريًا فوق سطح البحر؟ وهو إجراء قانوني أساسي لتنبيه مستعملي الوسائل البحرية إلى وجود غطاس في المنطقة، وتفادي الاصطدامات القاتلة.
وقد فتحت النيابة العامة تحقيقًا معمقًا لتحديد ظروف وملابسات الحادث، والوقوف على مدى قانونية الدراجة البحرية المستعملة، إلى جانب التحقق من احترام الضحية لإجراءات السلامة المرتبطة بنشاطه البحري. وتظل نتائج التحقيق قيد الانتظار، وسط دعوات ملحة من فعاليات المجتمع المحلي لكشف الحقيقة ومحاسبة كل المتورطين.
الحادث أثار موجة غضب واستياء عارم بسبب ما وصفه فاعلون محليون بـ”الغياب الفاضح” لمصالح الوقاية المدنية والأمن البحري بشاطئ تشارانا، رغم الإقبال المتزايد عليه خلال فصل الصيف، وتنامي عدد ممارسي الأنشطة الرياضية البحرية.
وتفيد مصادر محلية بأن هذا الغياب مردّه إلى عملية سطو مشبوهة على عقار جماعي كان من المفترض أن يُخصَّص لإقامة مركز للخدمات العمومية، وعلى رأسها الوقاية المدنية. غير أن العقار تحوّل – في ظروف غامضة – إلى “كانتينا” (حانة)، ثم إلى مستودع وفضاء خاص متعدد الوظائف، يُستغل من طرف شخصية نافذة محليًا تُعرف باسم بوجمعة فولكو، في صفقة يُشتبه في أنها نتاج تواطؤ مكشوف من مسؤول قسم الجماعات الترابية بعمالة إقليم الناظور، حرَمَ الشاطئ من أبسط شروط الأمان، وتركه رهينة العشوائية.
إن مأساة تشارانا لا يمكن اختزالها في تهور سائق جيتسكي فحسب، بل هي نتاج منظومة كاملة من الإهمال، والتراخي، والفساد الإداري، وغياب أي إرادة حقيقية لحماية أرواح المواطنين في الفضاءات الساحلية.
فمن يحاسب من؟ وهل ستكون هذه الفاجعة مجرد رقم جديد في سجل الإهمال؟ أم أنها ستدق ناقوس الخطر وتدفع الجهات الوصية إلى التحرك قبل أن تتحول الشواطئ إلى مقابر موسمية؟