في مشهد يلخص حجم الغضب الشعبي، شهدت بلدة كاتاروخا، الواقعة في قلب ما بات يُعرف بـ«المنطقة صفر» للعاصفة «دانا»، مساء الثلاثاء، تاسع مسيرة احتجاجية تطالب بتنحي رئيس حكومة ڤالنسيا، كارلوس ماسون، بسبب ما يعتبره المتضررون سوء إدارةٍ للكارثة التي أودت بحياة 228 شخصًا قبل تسعة أشهر.
وبحسب تقديرات رسمية، نزل حوالي 1500 محتج إلى شوارع البلدة التي فقدت وحدها 25 من أبنائها في تلك الفيضانات المأساوية. وتأتي هذه الوقفة في إطار سلسلة من الاحتجاجات التي انطلقت من العاصمة ڤالنسيا، لكنها هذه المرة حملت رمزيةً خاصة بعدما نُظّمت لأول مرة وسط الأحياء المنكوبة نفسها.
ورغم تراجع أعداد المشاركين مقارنة بالمظاهرات الأولى التي جمعت أكثر من 120 ألف شخص، تؤكد عائلات الضحايا أن عزيمتها لم تفتر، وتعتبر استمرار الاحتجاجات واجبًا أخلاقيًا حتى تتحقق المحاسبة.
وانطلقت المسيرة من «بارك دي لاس باراكاس»، حيث زُرعت شجرة زيتون تكريمًا للضحايا، قبل أن يشقّ المشاركون طريقهم نحو ساحة «لا ليوتجيتا» وسط هتافات صاخبة: «ماسون إلى السجن» و«ارحل».
وقالت روزا ألفاريز، رئيسة جمعية ضحايا العاصفة، بتأثر أمام الصحفيين: «303 أيام مرت منذ فقدنا أحبّتنا.. الألم لم ينقص، لكن إصرارنا يزداد. هذا المسؤول ومن دعموه يجب أن يرحلوا جميعًا».
أكثر من 200 هيئة مدنية ونقابية شاركت في الدعوة لهذا التحرّك، إلى جانب لجان الأحياء وجمعيات إعادة الإعمار التي ترى أن الدولة لم تفِ بوعودها تجاه المتضررين.
وتبقى هذه الأزمة عنوانًا صارخًا لهشاشة البنية التحتية أمام الكوارث الطبيعية بإسبانيا، وناقوس خطرٍ يدقّ أبواب المسؤولين قبل أن تتكرّر المأساة.
وإن كانت كارثة «دانا» قد عرّت هشاشة البنى التحتية هناك، فإنها كشفت أيضًا هشاشة ذاكرة بعض الساسة الذين لا يتذكرون ضحاياهم إلا تحت ضغط الشارع. وما على الإسبان إلا أن «يصبروا» حتى تهطل الأمطار القادمة، عسى أن تغسل معها بعض الوعود الراكدة… أو تغرقها إلى الأبد!
30/07/2025