kawalisrif@hotmail.com

زيارة بوريطة إلى فرنسا: هل يمكن الترويج لمبادرة الحكم الذاتي في ظل تعقيدات دولية وإقليمية متصاعدة؟ وهل تملك باريس القدرة على قيادة هذه المبادرة؟

زيارة بوريطة إلى فرنسا: هل يمكن الترويج لمبادرة الحكم الذاتي في ظل تعقيدات دولية وإقليمية متصاعدة؟ وهل تملك باريس القدرة على قيادة هذه المبادرة؟

يستعد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، لزيارة رسمية إلى فرنسا تهدف إلى مناقشة نزاع الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تم تقديمها إلى الأمم المتحدة عام 2007 كحل أساسي لتسوية هذا الملف المعقد. تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه الملف إصرارًا جزائريًا وجبهة البوليساريو على خيار “تقرير المصير”، مما يعقد من فرص التوصل إلى حل توافقي. كما تشير التوقعات إلى أن هذه التحركات قد ترتبط بالمشاورات المقبلة لمجلس الأمن في أكتوبر، واقتراب الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، ما يجعل الفترة الراهنة حاسمة في مسار القضية.

ورغم أهمية هذه الزيارة، يشير السياق الدولي الراهن إلى صعوبة الترويج لمبادرة الحكم الذاتي في ظل بيئة إقليمية مشحونة، خاصة مع توتر العلاقات بين المغرب والجزائر التي تواصل دعم جبهة البوليساريو بشكل مكثف، إلى جانب انشغالات المجتمع الدولي بالحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا والتحديات الاقتصادية العالمية. ومن هنا، يبدو أن الخطوات العملية ستكون محدودة، مع التركيز على تعزيز الدينامية الدولية القائمة بشكل تدريجي والعمل مع كل دولة على حدة، ضمن استراتيجية الملك محمد السادس القائمة على ترسيخ مغربية الصحراء دون تصعيد.

أما على الصعيد الفرنسي، فتبدو الأوضاع معقدة أيضًا، حيث تنظر باريس إلى المغرب بوصفه ركيزة هامة في المنطقة، لكنها في الوقت نفسه تواجه توترات متزايدة مع الجزائر، ما قد يدفعها لاستعمال المغرب كورقة ضغط في هذه الأزمة. وبالنظر إلى تراجع النفوذ الفرنسي عالميًا، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، يبدو من غير المنطقي أن يعتمد المغرب على فرنسا في قيادة مبادرات دولية مهمة مثل الحكم الذاتي. وبدلًا من ذلك، يظل الخيار الأفضل هو التوجه نحو الإدارة الأمريكية، رغم الانشغالات الإقليمية الكبرى التي تعانيها، والتي تجعل تحقيق تقدم في هذا الملف على المدى القريب أمراً صعباً.

باختصار، زيارة بوريطة إلى باريس تمثل فرصة لعرض مبادرة الحكم الذاتي المغربية في ظل تحديات كبيرة تحيط بالقضية على المستويين الإقليمي والدولي، لكنها تثير تساؤلات حول مدى قدرة فرنسا على المساهمة الفعالة في دفع هذا الملف نحو حل نهائي يرضي جميع الأطراف.

30/07/2025

Related Posts