kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا تنزع علمها من فوق الصخور المحتلة قبالة الحسيمة :    خطوة رمزية تُعيد إلى الأذهان أزمة «جزيرة ليلى»

إسبانيا تنزع علمها من فوق الصخور المحتلة قبالة الحسيمة : خطوة رمزية تُعيد إلى الأذهان أزمة «جزيرة ليلى»

أقدمت سلطات مدريد مؤخرًا على إزالة العلم الإسباني من فوق صخرتي «جزيرة البر» (Isla de Tierra) و«جزيرة البحر» (Isla del Mar)، الواقعتين بمحاذاة الساحل المتوسطي المغربي قبالة مدينة الحسيمة.

وتعيد هذه الخطوة إلى الواجهة ذكريات أزمة «جزيرة ليلى» الشهيرة التي اندلعت في صيف عام 2002، حين بسطت وحدة من القوات البحرية الملكية المغربية سيطرتها على الجزيرة، التي لا تبعد سوى 250 مترًا عن الساحل المغربي، في خطوة قالت الرباط إنها تهدف إلى ضبط الهجرة السرية وتهريب المخدرات، بينما اعتبرتها مدريد آنذاك «غزوًا» لأراضٍ خاضعة لسيادتها.

وقد ردّت إسبانيا حينها بحشد قدراتها العسكرية، ونفذت عملية لطرد القوة المغربية المتمركزة على الجزيرة بالقوة، وهو ما فجّر أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين، لم تهدأ إلا بتدخل الولايات المتحدة الأميركية التي دفعت الطرفين إلى العودة إلى الوضع القائم قبل 11 يوليوز 2002.

ورغم أن الصخرتين المهجورتين ظلّتا منذ تلك الواقعة تحت النفوذ الإسباني الرمزي، فقد فرضت مدريد قيودًا صارمة على الوصول إليهما، مانعة المصطافين والصيادين المحليين من الاقتراب، حفاظًا على ما تعتبره «سيادة» رمزية على هذه الجيوب الساحلية الصغيرة.

وتثير هذه الخطوة الجديدة – المتمثلة في إنزال العلم الإسباني – تساؤلات واسعة حول خلفياتها وتوقيتها، في ظل سياق إقليمي يتسم بتحركات متجددة لإعادة ترتيب الملفات العالقة بين مدريد والرباط، والتي يظل ملف الثغور المحتلة في مقدمتها، وعلى رأسها مدينتا سبتة ومليلية والجزر والصخور المحاذية.

ويؤكد مراقبون أن هذه الخطوة قد تحمل رسائل تهدئة ضمنية، أو قد تكون مرتبطة بترتيبات أمنية جديدة تخص مراقبة الهجرة غير النظامية عبر هذه النقاط القريبة من السواحل المغربية. لكنها، في جميع الأحوال، تذكّر بأن هذه البؤر الصغيرة كانت وما تزال جرحًا مفتوحًا في خاصرة العلاقات المغربية الإسبانية، يتجدد كلما عادت قضية السيادة إلى طاولة النقاش الثنائي.

هكذا تظل الثغور المحتلة… صخورًا صامتة تختزن أسرار التاريخ وصواعق الجغرافيا، تومض في ظلمة المتوسط كلما اعتقد الطرفان أن الصفحة طُويت إلى الأبد.

قد ينزل علم، وقد يُرفع آخر… لكن الحقيقة الثابتة أن تلك الجيوب الصغيرة، الملقاة كألغام بحرية قبالة السواحل المغربية، ستظل دائمًا قابلة للاشتعال. يكفي شرارة واحدة… لتعود جزيرة مهجورة إلى بؤرة الضوء، وتتحوّل موجة هادئة إلى زوبعة دبلوماسية تُربك الضفتين معًا.

31/07/2025

Related Posts