kawalisrif@hotmail.com

الملك محمد السادس يحل بشاطئ بوسكور بالحسيمة … والعاهل الإسباني يغامر في مياه مايوركا !

الملك محمد السادس يحل بشاطئ بوسكور بالحسيمة … والعاهل الإسباني يغامر في مياه مايوركا !

في مشهد بحري يُعيد رسم العلاقة الرمزية بين الملوك والبحر، أبحر العاهل الإسباني الملك فيليپي السادس، صباح الثلاثاء، من خليج پالما على متن اليخت العسكري «آيفوس»، مجددًا عهده السنوي مع منافسات «كأس الملك مابفري» للإبحار. النسخة الثالثة والأربعون من هذا الحدث الرياضي الأنيق جمعت هذا العام أكثر من 130 فريقًا من 24 دولة، لتُعيد جزيرة مايوركا إلى دائرة الضوء كقبلة للنخبة البحرية.

مصادر مقربة من نادي پالما الملكي لليخوت أكدت أن الملك الإسباني حلّ ضيفًا على النادي مرتديًا القميص الأبيض لفريق العام الماضي، قبل أن يستبدله بزيّ أزرق موحّد مع طاقم سفينته وأفراد من القوات المسلحة الإسبانية، وإلى جانبه طاقم نسائي بالكامل ضمن قارب تابع لمجلس الرياضات العسكرية. مشهدٌ يزاوج بين الانضباط العسكري وروح المغامرة البحرية التي دأب الملك فيليپي على تجديدها منذ أكثر من ثلاثة عقود، كطقسٍ سنوي يفصله مؤقتًا عن جداول الحكم وأعباء البروتوكول.

وبعيدًا عن رتابة المكاتب الرسمية، ينهي العاهل الإسباني أيامه البحرية بلقاءاتٍ رسمية، أبرزها الاجتماع المقرر مع رئيس الحكومة بيدرو سانشيز في قصر «ماريڤنت» المطلّ على المتوسط، حيث يمتزج نسيم البحر بجدية الملفات.

أما في الضفة الجنوبية من المتوسط، فيختار الملك محمد السادس أن يرسو في ربوع الريف المغربي، حيث الشاطئ البكر «بوسكور» غرب الحسيمة. هنا، لا يحتاج العاهل المغربي إلى يخت فاخر ولا إلى سباق رياضي ليجدد صلته بشعبه، بل يكتفي بفسحةٍ من الطبيعة يلتقي فيها أبناء المنطقة بلا وسيط، ويعزز صورة «الملك القريب» التي رافقته منذ اعتلائه العرش.

مصادر محلية في إزمورن وحراس شاطئ بوسكور يؤكدون أن جلالته شوهد أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية ، يستمتع بركوب الجيت سكي بين الأمواج الصافية، أو يجلس في خيمة بسيطة، بعيدًا عن حراسة صارمة أو بروتوكولات معقدة. تزامن وجوده مع فترة إحياء طقوس الولاء في العاصمة ليس تفصيلًا عابرًا، بل رسالة ضمنية بأن رمزية تجديد البيعة لا تكتمل إلا حين تعانق شواطئ الوطن وتتنفس هواء الناس.

يحكي أحد الصيادين العجائز في المنطقة: «في أحد الصباحات، جاء جلالة الملك من ورائي وسألني عن حالي ورزقي. لم أصدق أن الملك نفسه ينحني ليسألني وكأنه صديق قديم». قصةٌ تتحوّل مع تكرارها إلى جزءٍ من سردية أعمق: البيعة هنا لا تُجدَّد فقط بخُطَب البلاط، بل بمشهد إنساني عابر على الشاطئ، بابتسامةٍ أو سلام، بحضورٍ يُشعر الناس أن ملكهم ليس بعيدًا عن موج البحر ولا عن هموم البرّ.

وبين أمواج مايوركا وأمواج بوسكور، يبدو البحر وكأنه مملكة الملوك الثانية: مساحةٌ رمزية لتصفية الضغوط واستعادة الخيط الرفيع الذي يربط الحاكم برعاياه. في إسبانيا، يتحول الإبحار إلى مناسبة استعراضية تجمع الرياضة بالهيبة الملكية؛ وفي المغرب، يغدو الشاطئ امتدادًا لصلة القرب من الناس.

في النهاية، سواء أكان المشهد على ظهر يخت فاخر أم على شاطئ عذري، تظل فسحة الموج حائط صدّ أمام صرامة البروتوكول، ومتنفسًا يعيد للعرش بعضًا من بساطته الأولى: علاقةٌ يحكمها الموج وتوثّقها الذاكرة الشعبية كلما همس البحر بسرّه للملوك.

هكذا يظل البحر عند الملك محمد السادس أكثر من فسحة صيفية أو استراحة ملكية؛ إنه امتداد لذاكرةٍ شخصية وحلمٍ قديم، وسرٌّ يختزن لحظاتٍ نادرة من الصفاء وسط أمواج الملفات الثقيلة.

من بوسكور إلى شواطئ المضيق والصويرة، لم يكن حب الملك للبحر ترفًا موسميًا، بل اختيارًا يُجدِّد به صلته بترابٍ لا يغدر وأمواجٍ لا تخون. في عناق الموج يجد محمد السادس فسحةً لصنع القرب، ومساحةً يذوب فيها الحاكم في رعاياه بلا حرس ولا حواجز.

في كل موجةٍ تعبر أمام خيمته البسيطة، تتردّد رسائل غير مكتوبة: أن العرش، مهما ارتفعت أسواره في العاصمة، يجد طمأنينته هنا، بين الملح والرمال وهمسات الريف. هكذا يبحر ملكٌ على ضفاف شعبه، كلما عصفت به الرياح، راسخًا كصخرةٍ على شاطئ الوطن، لا تهزّه الأمواج بل تزيده قربًا.

31/07/2025

Related Posts