كشفت معطيات حصلت عليها كواليس الريف أن إشعارات صادرة عن آمرين بالصرف بعدد من المؤسسات والمقاولات العمومية دفعت مصالح المفتشية العامة للمالية إلى التحرك العاجل للتحقيق في صفقات عمومية تم تفويتها لمقاولين ذاتيين، في خرق واضح للضوابط القانونية المؤطرة لإبرام العقود العمومية. وركّزت التحقيقات الجارية على صفقات تهم خدمات الصيانة والحراسة والصباغة، وسط مؤشرات تفيد بعدم تناسب حجم الأشغال مع قدرات المقاولين الذاتيين القانونية والفنية.
وأوضحت المصادر أن عمليات التدقيق كشفت تناقضًا صارخًا بين ما تتطلبه دفاتر التحملات من التزامات مهنية، وبين الطبيعة القانونية للمقاول الذاتي الذي يمنعه الإطار التشريعي من تشغيل أجراء أو التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ومع ذلك، فرضت بعض طلبات العروض شروطًا تلزم المتعهدين بتوفير عمال مصرح بهم، ما يُعد خرقًا جوهريًا لمقتضيات القانون 114.13، الذي يحصر ممارسة المقاول الذاتي في أنشطة فردية غير قابلة للتوسيع المؤسسي.
وامتدت التحقيقات إلى الجانب الجبائي، حيث تم رصد تهرب ضريبي واسع النطاق، إذ أن نسبة الملتزمين بأداء الضرائب بين المقاولين الذاتيين لا تتجاوز 6% من أصل 430 ألف مسجل. كما تبين استعمال واسع للأختام والفواتير المزورة لتبرير تكاليف وهمية، والتلاعب بالسقف السنوي للمعاملات المفروضة قانونًا. وخلص المفتشون إلى أن تسلل المقاولين الذاتيين إلى منظومة الصفقات العمومية، من خلال شركات باطنية أو تجنيد عمال قرويين كواجهات قانونية، يستدعي تدابير عاجلة منها فسخ العقود المبرمة وتنقية طلبات العروض من أسماء لا تمتثل للإطار القانوني المؤطر للمهنة.
01/08/2025