كلما اقترب موعد الانتخابات في المغرب، عادت حرارة النقاشات السياسية لترتفع داخل الأوساط الحزبية والإعلامية. وبينما تبدأ الأحزاب تسخين محركاتها استعداداً للاستحقاقات المقبلة، يُطرح من جديد سؤال الثقة في نزاهة العملية الانتخابية، وسط حديث متزايد عن تدخلات الإدارة، وتغييرات متكررة في القوانين والقواعد الانتخابية، ما يخلق غموضاً يَحول دون استقرار العملية الديمقراطية. ففي الوقت الذي تراكمت فيه بعض المكتسبات كاحترام دورية الانتخابات، ما تزال الهندسة الانتخابية تُعاد صياغتها قبيل كل استحقاق، عبر تغييرات تمس القاسم الانتخابي، وأنماط الاقتراع، واللوائح الخاصة، ما يُبقي اللعبة غامضة ومفتوحة على التأويلات.
الأدهى أن التقاليد الديمقراطية ما تزال غائبة عن كثير من مكونات المشهد الحزبي، إذ نجد أحزاباً في الحكومة تنتقد ذات الحكومة، وتستنسخ خطاب المعارضة، في ازدواجية تُفرغ التجربة من مضمونها السياسي. أما المعارضة، فبعض مكوناتها لا تتردد في مغازلة خصومها السابقين حين تتوقع لهم الفوز، ما يجعل الاصطفافات السياسية هشة، ويكرس الانتهازية الحزبية. وبالموازاة مع ذلك، تطرح تصريحات مثل ما قاله البرلماني السابق رشيد الفايق عن دفع 800 مليون كرشوة لضمان مقاعد برلمانية، علامات استفهام ثقيلة حول شفافية العملية برمتها، وتكشف عن احتمالات تدخلات موضعية خطيرة على مستوى الإدارة الترابية، في غياب توضيحات مقنعة من وزارة الداخلية.
في خضم كل هذا، يطفو على السطح نقاش حول ما بات يُسمّى بـ”حكومة المونديال”، أي تلك التي ستقود مشاريع تنظيم كأس العالم 2030. غير أن واقع الحال يشير إلى أن هذه الحكومة بدأت بالفعل في ممارسة مهامها خارج نتائج الانتخابات، تحت قيادة فوزي لقجع ومؤسسة “المغرب 2030″، في وقت تبدو فيه الحكومة الرسمية القادمة، أياً كانت تركيبتها، مجرد إطار إداري قد لا يكون له تأثير جوهري على تنفيذ المشاريع الكبرى المرتبطة بهذا الحدث العالمي. بذلك، تصبح الانتخابات وكأنها تمرين شكلي، فيما القرار الحقيقي يُصاغ في دوائر أخرى تحسم في التفاصيل بعيداً عن الصندوق.
02/08/2025