حسن غربي :
رغم التحذيرات المتكررة والتنبيهات التي أطلقتها فعاليات مدنية ومواطنون غيورون بشأن الخطر البيئي المتزايد في عدد من أزقة الحسيمة وجماعاتها القروية، لا تزال تسريبات المياه مستمرة بل وتتفاقم، في مشهد يثير الاستياء ويطرح أكثر من علامة استفهام. وضعٌ يشي بأن ما يُهدر يوميًا ليس فقط المورد الحيوي، بل أيضًا الإحساس بالمسؤولية والضمير الإداري.
الصور المرافقة تختزل الواقع المؤلم: تدفق مستمر للمياه وسط أحياء سكنية، يقابله غياب شبه تام لأي تدخل من الجهات المعنية. فمن يتحمل تبعات هذا الهدر الصارخ؟ أين أعين المصالح المختصة؟ ولماذا كل هذا الصمت إزاء ما يمكن وصفه بجريمة بيئية موصوفة؟
في المقابل، تعيش جماعات قروية بأكملها على وقع العطش وندرة المياه، بينما تتواصل التسريبات بلا حسيب أو رقيب. أما المدير الإقليمي للماء، فلا يُسمع له صوت، لا يرد على الاتصالات، ولا يتفاعل مع شكاوى المواطنين، ولا حتى مع نداءات المنتخبين والسلطات المحلية. فهل تحوّل منصبه من تكليف إلى مجرد تشريف؟
وإذا كان عامل الإقليم منشغلاً بحضور حفل الولاء واجتماعات وزارية مركزية، فإن الكاتب العام للعمالة، الذي يُفترض أن يتابع ملفات الإقليم في غياب العامل، لا يظهر له أثر منذ تعيينه. توقيعاته حاضرة، نعم، لكن حضوره الميداني وفعلُه العملي غائبان، في وقت تحتاج فيه الحسيمة إلى مسؤولين فاعلين لا موظفين يجلسون خلف المكاتب.
المواطنون، داخل الوطن وخارجه، لا يطلبون اجتماعات شكلية أو وعودًا فارغة، بل ينتظرون حلولًا حقيقية، وتدخلات ميدانية فعّالة، وإنصاتًا جديًا لمعاناتهم. فهل من مجيب؟ أم سيظل الماء يهدر يوميًا، ومعه تندثر الكرامة والوعي، في زمن تتغنى فيه الخُطب الرسمية بالحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة؟
— صور الماء الضائع في الشوارع :
03/08/2025