kawalisrif@hotmail.com

المغرب سيحوِّل جبل ݣوروݣو المطل على مليلية إلى وجهة سياحية واعدة

المغرب سيحوِّل جبل ݣوروݣو المطل على مليلية إلى وجهة سياحية واعدة

” الحيوانات والمعالم الأثرية والثروة الإيكولوجية أبرز عناصر الجذب”

تواصل الصحافة الإسبانية تسليط الضوء على التحركات المغربية في محيط المدينتين المحتلتين مليلية وسبتة، حيث كشفت تقارير متعددة – من بينها تحقيق موسع نشرته جريدة لاراثون – كيف يعتزم المغرب تحويل جبل ݣوروݣو، أو «أذرار سيدي أحمد الحاج» كما يسميه أهل الريف، إلى قطب سياحي بيئي وثقافي يثمّن ثرواته الطبيعية ويربطه بامتداده التاريخي والحضاري.

هذا المشروع الطموح يندرج ضمن رؤية تنموية متكاملة تضع الجبل في قلب خارطة مشاريع استراتيجية كبرى، على غرار ميناء طنجة المتوسط وتوأمه ميناء الناظور غرب المتوسط، بما يعزز إشعاع المملكة في محيطها المتوسطي ويخلق فرصًا اقتصادية جديدة. وإضافةً إلى قيمته السياحية، يكتسب المشروع بعدًا أمنيًا، إذ يُسهم في إعادة توظيف منطقة ظلّت لعقود معبرًا رئيسيًا للمهاجرين غير النظاميين صوب مليلية المحتلة، قبل أن يتبدل المشهد بفضل التنسيق الأمني الوثيق بين الرباط ومدريد.

ولم يفت الصحافة المحلية، مثل جريدة إل فارو دي مليلية، أن تشير إلى هذا التحول بوصفه خطوة «ذكية» توفّق بين مقتضيات الأمن ومتطلبات التنمية، مسلّطةً الضوء على الفرص الواعدة لإرساء نموذج سياحي مستدام يقطع مع الصورة النمطية التي لطالما ارتبطت بالحدود.

ويقول الأستاذ الحسن طالبي، أستاذ البتروغرافيا والجيوكيمياء بكلية العلوم بجامعة وجدة ورئيس جمعية «الطبيعة والتراث»، في تصريحات نقلتها لاراثون، إن جبل ݣوروݣو يتفرّد بقيمة علمية نادرة بفضل تاريخه البركاني الموغل في القدم، إذ شهد نشاطًا بركانيًا متواصلاً خلال أواخر العصر الثالث وبداية العصر الرباعي، مشكّلًا تكوينات جيولوجية مميزة تُعدّ بمثابة متحف طبيعي مفتوح.

ويمتد الجبل على مساحة شاسعة، بارتفاع يصل إلى ألف متر، محتضنًا أنواعًا متنوعة من الصخور البركانية، في مقدّمتها البازلت، الذي نحت تضاريس شاهقة تمنح المكان طابعًا جماليًا أخّاذًا. ويُعزَّز هذا الغنى الطبيعي بمجاورة الجبل لبحيرة “مارتشيكا” او «بحيرة ثيمشارث»، المصنّفة موقعًا ذا اهتمام بيولوجي وإيكولوجي (SIBE)، بفضل تنوعها البيئي الذي يشمل طيورًا نادرة وثدييات مميزة، على رأسها الخنزير البري وقرد المكاك البربري، المتوقع أن يتحوّل إلى رمز ترويجي جديد للمنطقة.

تاريخيًا، يُعد الجبل مركزًا حضاريًا موغلًا في القدم، تؤكده المكتشفات الأثرية العائدة إلى ما قبل مليون عام، إلى جانب معالم بارزة من حقب لاحقة مثل مواقع «روسادير» و«ريفاسا» وضريح «سيدي أحمد الحاج» الذي يحتفظ ببريقه الروحي والاجتماعي حتى اليوم.

ولا تكتمل صورة الجبل دون ذكر «قصر ثازوضا»، المصنّف تراثًا وطنيًا، والواقع على هضبة مرتفعة تشرف على البحر وتحرسها منحدرات وعرة جعلت منه حصنًا طبيعيًا تعاقبت عليه حضارات عديدة، من الرومان إلى الموحدين والزناتيين وصولًا إلى الإسبان الذين استغلّوه قاعدة عسكرية خلال فترة الحماية، وما تزال بقاياه صامدة تروي قصص التاريخ.

ومن أعلى قمة ثازوضا، يمتد المشهد ليشمل مدينة الناظور من جهة والمدينة المحتلة مليلية من جهة أخرى، في لوحة بانورامية تلتفّ حولها مساكن ريفية بسيطة ومواقع تخييم متفرقة تنتظر تطويرًا يليق بما يختزنه الجبل من إمكانات. فالبنية التحتية لا تزال متواضعة، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام استثمارات عمومية وخاصة لترسيخ المكان كوجهة رئيسية للسياحة البيئية والثقافية.

وتزامنًا مع هذه الخطط الطموحة، يبرز مشروع تأهيل وتقوية الطريق الوطنية رقم 6209 – التي تمتد على مسافة تناهز 25 كيلومترًا – باعتباره شريانًا حيويًا لضمان الربط بين قلب جبل ݣوروݣو والطريق الساحلية مرورًا بمنطقة فرخانة، بهدف فك العزلة عن السكان وتسهيل تنقّل الزوار والمستثمرين.

وقد خُصّص لهذا المشروع تمويل يفوق سبعة مليارات سنتيم من صندوق دعم العالم القروي، في إطار برنامج أُطلق في عهد العامل السابق علي خليل ليواكب الدينامية التنموية للمنطقة. غير أن الطريق إلى الإنجاز لم يكن معبّدًا؛ إذ أُجهضت الصفقة الأولى بانسحاب الشركة الفائزة، ثم تكرّر الإخفاق في الصفقة الثانية بسبب عزوف المقاولات عن التقدم للمنافسة نظرًا لصعوبة التضاريس وارتفاع تكاليف الأشغال مقارنة بالمبلغ المرصود، ليبقى المشروع حبيس الأدراج في انتظار حل ناجع.

واليوم، تُعلّق الساكنة والمجالس المحلية آمالًا جديدة على إعادة إحياء هذا الورش بميزانية واقعية وخطة تنفيذية تضمن إتمامه في أقرب الآجال، حتى يتحوّل هذا الطريق إلى حلقة وصل بين التاريخ والحاضر، ويمنح لجبل ݣوروݣو ومحيطه فرصةً مستحقةً للانبعاث.

وعلى ما يبدو، فإن كل خطوة يخطوها المغرب نحو تثمين كنوزه الطبيعية وتحصين حدوده بالتنمية لا تمرّ دون أن تبعث في نفوس بعض الجيران قلقًا مكتومًا… قلقٌ يرونه من فوق الأسلاك، كلما صعد المغرب جبلًا جديدًا من جبال طموحه!

04/08/2025

Related Posts