kawalisrif@hotmail.com

بالفيديو :   كفى إستعبادا للمهاجرين … كاهن إسباني يكسر جدار الصمت من على منبر الكنيسة

بالفيديو : كفى إستعبادا للمهاجرين … كاهن إسباني يكسر جدار الصمت من على منبر الكنيسة

في مشهد نادر داخل الكنيسة، تحوّلت عظة الأحد التي ألقاها الأب إيميليو خيسوس مونتيس، كاهن رعية مدينة فالديبيناس الواقعة في إقليم كاستيا لا مانتشا، إلى صرخة ضمير في وجه استغلال العمال الموسميين، أغلبهم من المهاجرين، وعلى رأسهم المغاربة.

وقد انتشر مقطع الفيديو الذي يوثّق خطبته كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي، نظرًا لقوة خطابه ونبرته الإنسانية، حيث دافع بشدة عن حقوق العمال المؤقتين الذين يتقاطرون على مختلف المناطق الفلاحية في إسبانيا خلال مواسم الجني.

قال الكاهن بنبرة حازمة: “إذا كانت مدة العمل 8 ساعات، فلا يجوز إرغام أحد على 12. وإن اشتغلوا 12، فليُدفع لهم أجر الساعات الإضافية… هؤلاء بشر، ويستحقون العيش بكرامة”.

لم يتوقف الأب إيميليو عند حدود الأجور، بل وسّع خطبته لتشمل قضايا جوهرية تؤرّق العمال الموسميين، وعلى رأسها الحق في السكن اللائق، وضرورة تسجيلهم في نظام الضمان الاجتماعي الإسباني، الذي يُحرَم منه عدد كبير منهم رغم أحقيتهم القانونية. وأضاف بصراحة لافتة: “هم بشر، وليسوا آلات… ويستحقون جميع حقوقهم كاملة، من الأجر، مرورًا بالسكن، وصولًا إلى الحماية الاجتماعية”.

تشهد فالديبيناس وغيرها من المناطق الزراعية الإسبانية توافد آلاف العمال الموسميين سنويًا، وغالبًا ما يكون المغاربة في مقدّمتهم. يعملون لساعات طويلة تحت شمس حارقة، ويُطلب منهم إنتاجية عالية، بينما يتقاضون أجورًا زهيدة – إن دُفعت أصلًا – وسط غياب شبه تام للضمانات.

وتتحوّل الحقول في كثير من الأحيان إلى مسرحٍ للاستغلال الصارخ: مساكن عشوائية، ظروف صحية مزرية، غياب التأمين، وتلاعب في العقود. وكلها انتهاكات موثّقة في تقارير حقوقية دولية، لكنها غالبًا ما تُقابل بصمتٍ رسمي أو تجاهل ممنهج.

لقد خرق الأب إيميليو جدار الصمت، وتحدّث بلسان الضمير في زمنٍ تتواطأ فيه المؤسسات بالصمت أو التسويف. وقد لقي موقفه إشادة واسعة من نشطاء ومنظمات حقوقية، وصفوا عظته بأنها “درس أخلاقي للسياسيين الذين يديرون ظهورهم للواقع”.

لكن المفارقة المؤلمة، أن رجل دين هو من يتحدث عن الكرامة وحقوق الإنسان، بينما تصمت الجهات المسؤولة، وتُمعن في التبرير والتأجيل.

لقد ألهب موقف الكاهن مشاعر المتعاطفين، وأعاد إلى الواجهة واقع آلاف المهاجرين، وفي مقدّمتهم العمال المغاربة الذين يشكّلون العمود الفقري للفلاحة الإسبانية، أولئك الذين يزرعون ويحصدون، يُتعبهم الشقاء ويُقصيهم القانون، فلا نصير لهم سوى ضمير واعٍ يعلو من فوق منبر كنيسة.

ويبقى السؤال، بنبرة تهكمية مُرّة: هل نحتاج إلى خطبة من على منبر الكنيسة كل موسم لنُذكّر البعض بأن “الكرامة” ليست ترفًا… بل حق إنساني ودستوري؟

صرخة من مذبح الكنيسة: الكرامة أولًا لعمال الحقول… وخاصة أولئك الذين حملوا تعبهم من المغرب إلى الحقول الإسبانية.

05/08/2025

Related Posts