رغم التصريحات الرسمية المتكررة التي تؤكد حرص الحكومة على دعم النساء وتمكينهن اقتصادياً، تظل المؤشرات العملية شاهدة على واقع مغاير يعكس هشاشة الجهود المبذولة في هذا المجال. فمعدل النشاط الاقتصادي للنساء لا يتجاوز 20%، مقارنة بأكثر من 70% لدى الرجال، وهو تفاوت يعكس إقصاء فعلياً للنساء من ساحة الاقتصاد الوطني. يضاف إلى ذلك أن معظم النساء العاملات ينشطن في قطاعات غير مهيكلة، تفتقر إلى الحماية الاجتماعية والاستقرار المهني، مما يجعل تمكينهن الاقتصادي محدود التأثير وذو أثر ضئيل على التنمية الشاملة.
تشير تقارير المندوبية السامية للتخطيط إلى أن النساء القرويات يواجهن عقبات متعددة، منها نقص التعليم والمهارات، إضافة إلى قيود اجتماعية وثقافية تعيق مشاركتهن في سوق العمل، ما يفاقم من وضعهن الاقتصادي ويطيل أمد الفقر في الوسط القروي. كما تؤكد الدراسات أن ضعف التمكين الاقتصادي للنساء في المناطق القروية يكلف الاقتصاد الوطني خسائر تقدر بـ 2.2% من الناتج الداخلي الخام، ناهيك عن الصور النمطية التي تقيد وصول النساء إلى الموارد الأساسية. وبينما تسجل نسبة النساء القرويات النشيطات اقتصاديةً 18.4%، فإن غالبية هؤلاء يعملن في وظائف غير مدفوعة الأجر أو بدون عقود، ما ينعكس سلباً على استدامة دخلهن وجودة حياتهن.
وفي ظل هذه المعطيات، تواجه الوزيرة نعيمة ابن يحيى وانتقادات حادة من البرلمان ومنظمات المجتمع المدني، التي ترى أن البرامج الحكومية القائمة، مثل “جسر التمكين والريادة”، لم تحقق الأهداف المرجوة، بل إن المعدلات المسجلة تراجعت في بعض الأحيان. وتؤكد النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي أن تنفيذ خطة المساواة بين الجنسين لا يزال يعاني من البطء والقصور، مطالبة بتعزيز الموارد المالية والبشرية وتسريع الإصلاحات. ويرى خبراء في مجال حقوق المرأة أن مقاربة الحكومة لم تتجاوز البرامج المؤقتة، ولا تتبنى إصلاحات هيكلية شاملة تعالج جذور التمييز، داعين إلى استراتيجيات متكاملة تعزز مشاركة المرأة في سوق العمل وتكسر الحواجز الثقافية والاجتماعية لتحقيق تمكين فعلي ومستدام.
05/08/2025