منذ عامين، يقضي محسن الركراكي، شاب مغربي يبلغ من العمر 27 عامًا، أيامه خلف أسوار أحد السجون الجزائرية، بعد أن تحوّل حلمه في الهجرة إلى أوروبا إلى كابوس طويل الأمد. محسن، الذي كان يشتغل في مجال ميكانيك السيارات بمدينة الراشيدية، غادر المغرب عبر رحلة جوية إلى تونس، قبل أن يعبر إلى الأراضي الجزائرية في مسعى للوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط. غير أن رحلته انتهت باعتقاله ومتابعته بتهم ثقيلة تشمل “تهريب المهاجرين ضمن جماعة إجرامية منظمة” و”غسل الأموال”، وهي اتهامات تنفيها أسرته جملة وتفصيلاً، مؤكدة أنه لا صلة له بأي نشاط غير قانوني.
وثائق رسمية اطلعت عليها صحيفة “كواليس الريف” تكشف تفاصيل محاضر الاستماع، التي تتضمن شهادات لشباب مغاربة موقوفين بنفس الملف، جميعها تنفي تورطهم في أية شبكات إجرامية منظمة. وتوضح التصريحات أن هؤلاء دخلوا الجزائر بطرق شرعية من أجل الهجرة، دون نية للاتجار بالبشر أو خرق القانون. عائلة محسن تؤكد أن ظروف اعتقاله “مهينة وغير إنسانية”، إذ نادرًا ما يتواصل معهم، ويُحرم من حقوقه الأساسية، بما في ذلك الرعاية الطبية والغذاء المناسب، بينما مُنع محاميه من حضور الجلسات، وهو ما يزيد من إحساس العائلة بالظلم والإقصاء.
تزامنًا مع هذه المعاناة، أطلقت عائلات المعتقلين المغاربة في الجزائر، خصوصًا من مدن الراشيدية وتنجداد وزاكورة ووجدة، نداءً إنسانيًا للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، مطالبة بفتح تحقيق جاد في الملف والتدخل من طرف السلطات المغربية لإعادة أبنائها إلى أرض الوطن. وأكدت العائلات أن المحاكمة شابتها خروقات قانونية، منها غياب محاكمة عادلة وسرعة إصدار الأحكام، مع تعيين محامين في إطار المساعدة القضائية دون تمكين المعتقلين من الدفاع عن أنفسهم. في ختام ندائها، عبّرت هذه الأسر عن ألمها ومرارتها، قائلة: “أبناؤنا ليسوا مجرمين، بل ضحايا أحلام مكسورة وفقر دفعهم للمغامرة.. ولا يجب أن يدفعوا ثمنًا باهظًا بحثًا عن حياة كريمة.”
05/08/2025