في ظل التقلبات التي تعرفها المبادلات الخارجية للمملكة خلال النصف الأول من عام 2025، لفت الانتباه التراجع الطفيف الذي سجلته تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، حيث بلغت قيمتها 55.86 مليار درهم إلى حدود نهاية يونيو، مسجلة انخفاضاً بنسبة 2.6% مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، ما يعادل 1.48 مليار درهم. هذا التراجع، الذي كسر وتيرة التصاعد التي عرفتها التحويلات خلال السنوات السابقة، أثار تحليلات متباينة من قبل خبراء الاقتصاد الذين دعوا إلى تجاوز التفسيرات السطحية والبحث في الأسباب البنيوية الكامنة وراء هذا الانكماش.
رشيد ساري، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، أوضح في تصريح لـ”كواليس الريف” أن التراجع لا يمكن ربطه فقط بالأزمة الاقتصادية الأوروبية أو غلاء الأسعار السياحية بالمغرب، بل يتطلب فهماً أعمق لطبيعة العلاقة المتغيرة بين الجالية المغربية والمؤسسات الرسمية. ومن بين العوامل المؤثرة التي أشار إليها، تأتي اتفاقيات تبادل المعلومات المالية بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية، والتي أثارت مخاوف لدى أفراد الجالية من تتبع تحويلاتهم الضريبية، إلى جانب تقلص استثماراتهم في القطاع العقاري وظهور مؤشرات على بيع ممتلكاتهم بالمغرب، في ظل ما وصفه بـ”توجس قانوني وضريبي”. كما أشار إلى أن ضعف حركة السفر في يونيو ويوليوز يعود إلى قيود اجتماعية وإدارية مرتبطة بإعانات دول الإقامة.
من جهته، يرى عبد الرزاق الهيري، أستاذ الاقتصاد ومدير مختبر الدراسات الاقتصادية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن التحولات في بنية تحويلات الجالية مرتبطة أيضاً بارتفاع تكاليف المعيشة في دول الإقامة، وتأثر مدخراتهم بالتضخم، فضلاً عن غياب فرص استثمارية مغرية بالمغرب. ودعا في هذا السياق إلى ضرورة إعادة تقييم السياسات العمومية الموجهة لمغاربة العالم، وفتح آفاق استثمارية جديدة خارج القطاع العقاري، مع توفير ضمانات قانونية وإدارية لتعزيز الثقة. واعتبر الهيري أن التحويلات ما تزال تحتفظ بدورها المركزي في دعم احتياطي العملة الصعبة، ما يفرض اتخاذ خطوات عملية للحفاظ على هذه الدينامية الاقتصادية الحيوية.
06/08/2025