في خطوة وُصفت بأنها أخطر مظهر من مظاهر الانزلاق السلطوي، فجّرت العصابة الحاكمة في الجزائر موجة غضب جديدة بعد إصدار قانون مثير للجدل يكرّس مزيدًا من القمع والعسكرة، تحت غطاء “التعبئة العامة”، بينما تغرق البلاد في عزلة دولية خانقة وأزمات داخلية متفجرة.
القانون الجديد، الذي نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 27 يوليوز 2025، لم يكن سوى محاولة أخرى لإحكام القبضة الحديدية على المجتمع الجزائري، مع بنود صادمة تُظهر جنون الارتياب الذي بات يُسيطر على النظام، أبرزها المادة 57 التي تُجرّم الصمت، وتعاقب بالسجن من لا يُبلغ عن وجود “رعايا من دول معادية” على التراب الجزائري ، في إشارة واضحة إلى المغاربة.
لكن المهزلة الحقيقية؟ أن القانون لا يحدد من هي هذه “الدول المعادية”! ليُترك الباب مفتوحًا أمام تأويلات خطيرة، أول ضحاياها المحتملين: المغاربة المقيمون في الجزائر، في ظل العداء الهوسي الذي تكنّه العصابة العسكرية للمغرب وشعبه.
هذا القانون لا يكتفي بتجريم المغاربة ضمنيًا، بل يحوّل كل جزائري إلى مخبر في خدمة نظام يطارد الأشباح. كما يفرض على المواطنين الامتثال الفوري لأي أوامر بالتجنيد، والسكوت التام عن كل ما قد يُحرج السلطة أو يكشف عوراتها، تحت طائلة العقاب.
الفضيحة الأكبر أن هذا النص يمنح وزارة الدفاع سلطات مطلقة، تصل إلى حد مصادرة الممتلكات، وقف المعاشات، وتحويل المصانع المدنية لخدمة آلة الحرب. وكأن البلاد تُدار بعقلية الثكنة لا الدولة!
سياسيًا، يأتي هذا الجنون القانوني في سياق توتر متصاعد مع المغرب، وفرنسا، ومالي، ما يُكرّس سياسة العزلة الدولية التي اختارتها العصابة الحاكمة، بدل الانفتاح والحوار. بينما يئنّ المواطن الجزائري تحت وطأة الفقر، البطالة، وغلاء الأسعار، يُطلب منه أن يحمل السلاح للدفاع عن نظام فاشل.
حزب “الاتحاد من أجل التغيير” لم يتأخر في قرع ناقوس الخطر، محذرًا من أن القانون ليس إلا أداة جديدة للمراقبة الداخلية، واستهداف مجموعات بعينها، وعلى رأسها المغاربة، في مشهد يُعيد الجزائر إلى عصور الرعب البوليسي.
فهل نحن أمام إعلان غير مباشر لحالة طوارئ دائمة؟ وهل باتت “الجمهورية” تُختزل في مزاج الجنرالات وهاجسهم المزمن من المغرب؟
06/08/2025