في ذكرى اليوم الدولي للشعوب الأصلية، الذي يوافق التاسع من غشت، أعادت فعاليات أمازيغية بالمغرب طرح ملف الهوية والتاريخ الأمازيغي على طاولة النقاش، مطالبة بوقف سياسات التعريب التي تهمّش إرث “إيمازيغن” وتشوه مسارهم التاريخي. ودعت هذه الفعاليات إلى تكثيف الجهود الأكاديمية والبحثية لكشف الحقائق وتصحيح المغالطات المتوارثة، بما يُنصف الدور المركزي للأمازيغ في صياغة ملامح الحضارة المغربية عبر العصور. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود أكثر من 476 مليون نسمة من الشعوب الأصلية في نحو 90 دولة، يشكلون 6 في المائة من سكان العالم، ويُعتبرون من بين الفئات الأكثر تهميشًا رغم غنى تراثهم وتفرّد أنماط حياتهم.
حسن إد بلقاسم، المحامي والناشط الأمازيغي، أوضح أن تاريخ وهوية الأمازيغ في المغرب كانا عرضة للتشويه بفعل سياسات التعريب الممنهجة التي بدأت منذ بواكير الحركة الوطنية وتواصلت بعد الاستقلال، حيث سادت روايات تُنكر الجذور الحقيقية للأمازيغ وتربطهم بأساطير هجرة من اليمن عبر الحبشة. وأكد أن الوعي الأمازيغي الحديث، الذي تبلور مع بروز الحركة الأمازيغية وميثاق أكادير عام 1991، واجه تلك السرديات الزائفة، قبل أن ينقل المعركة إلى الساحة الدولية عبر المشاركة في مؤتمرات كبرى، مثل مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان سنة 1993. وأشار إلى أن هذه الضغوط أسفرت عن خطاب أجدير وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وصولًا إلى الاعتراف الرسمي برأس السنة الأمازيغية كعطلة وطنية، رغم استمرار التعثر في تفعيل المقتضيات الدستورية.
من جانبه، نبّه المحامي أحمد أرحموش إلى أن إحياء هذا اليوم الأممي يشكل فرصة للتذكير بالرسالة الملكية الموجهة لفعاليات الدورة الـ17 للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي باليونسكو، والتي شددت على أهمية حماية الموروث الحي من عادات وتقاليد وتعبيرات فنية ومجتمعية. غير أن أرحموش اعتبر أن السياسات الحكومية والتشريعية ما تزال تُقصي السرديات التاريخية للشعب الأمازيغي، وتتعامل بتردد مع تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، في تناقض مع ما راكمه الأمازيغ من حضارة تمتد لأكثر من 33 قرنًا. وأكد أن استمرار هذا الوضع، في ظل سياق وطني مقلق، يضع الهوية الأمازيغية أمام تحديات غير مسبوقة تتطلب إرادة سياسية واضحة وإجراءات عملية عاجلة.
08/08/2025