حسن غربي :
في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز جمالية مدينة الحسيمة والارتقاء بمظهرها العمراني، صدر منذ مدة قرار عاملي يُلزم بتوحيد صباغة واجهات المنازل وفق معايير محددة، في خطوة استبشر بها المواطنون خيراً، باعتبارها لبنة نحو مدينة أكثر تنظيماً وانسجاماً بصرياً. غير أن هذا القرار، الذي كان يُفترض أن يسهم في تحسين المشهد الحضري، تحول اليوم إلى مجرد حبر على ورق.
فبدلاً من تطبيق فعّال ومنسق لهذا القرار، ظهرت اختلالات واضحة في تنزيله على أرض الواقع، بسبب سوء التقدير من قبل بعض أعوان السلطة، وغياب الصرامة اللازمة من قبل عدد من المسؤولين المحليين. والنتيجة: أحياء سكنية تحولت إلى لوحات عشوائية متنافرة الألوان، تفتقد إلى أدنى درجات الانسجام، وتضرب في العمق الهدف الجمالي الذي رُوج له مع بداية الإعلان عن القرار.
تجاهل بعض الأعوان لدفتر التحملات وعدم مراقبة تطبيق المعايير المعلنة، سمح بظهور تباين صارخ في الألوان والدرجات المستعملة، ما أفقد القرار مصداقيته، وأفرز حالة من الفوضى البصرية التي أثارت استياء شريحة واسعة من السكان، الذين باتوا يتساءلون عن جدوى اتخاذ قرارات لا تجد طريقها إلى التنفيذ الصحيح.
ورغم أن توحيد صباغة الواجهات يُعد خيارًا حضاريًا معمولًا به في العديد من المدن المغربية والعالمية، فإن نجاحه يتطلب رؤية واضحة، وتأطيرًا محكمًا، ومتابعة ميدانية حقيقية من طرف السلطات المحلية، لضمان احترام المعايير وضبط أي خروقات.
إن ما تعيشه الحسيمة اليوم من عبث لوني على واجهات منازلها، ليس سوى انعكاس لغياب التنسيق والتتبع، ولعل الوقت قد حان لإعادة تقييم هذا المشروع، وتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة، حتى لا تبقى مثل هذه المبادرات رهينة الشعارات، وتتحول من مشاريع إصلاحية إلى أسباب لتشويه هوية المدينة وطمس ملامحها الجمالية.
