في خضم تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، وجّه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي دعوة رسمية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة الهند في وقت لاحق من هذا العام، لحضور القمة السنوية بين البلدين. الدعوة جاءت خلال اتصال هاتفي بحث فيه الجانبان تطورات العلاقات الثنائية وملف أوكرانيا، وفق بيان للحكومة الهندية. وتزامنت هذه الخطوة مع فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية، ما أثار استياء نيودلهي التي اعتبرت الإجراء “مؤسفاً للغاية”، خاصة مع استمرار دول أخرى في استيراد النفط الروسي دون عقوبات مماثلة.
التوتر تعمّق بعد تصريحات ترامب التي وصف فيها الاقتصاد الهندي بـ”الميت” والمغلق أمام التجارة، في ما شكّل صدمة للدبلوماسية الهندية. مصادر مطلعة أفادت بأن مودي أبلغ ترامب في يونيو أن وقف إطلاق النار مع باكستان تم بوساطة مباشرة بين الطرفين، دون تدخل أميركي، وهو ما اعتبر تحولاً في مسار العلاقات الثنائية. وفي مواجهة التصعيد الأميركي، كثّفت نيودلهي تعاونها مع موسكو عبر اتفاقيات جديدة في مجالات التكنولوجيا والفضاء والمعادن النادرة والأسمدة والنقل، إضافة إلى لقاءات رفيعة المستوى شملت مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال والرئيس بوتين. كما أجرى مودي محادثات مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا حول الرسوم الأميركية، في ما بدا تنسيقاً بين القوتين الصاعدتين لمواجهة الضغوط التجارية.
ورغم تشدد واشنطن في ملف النفط الروسي، يؤكد دبلوماسيون هنود أن نيودلهي لن تفرّط بعلاقتها التاريخية مع موسكو، التي وقفت إلى جانبها في محطات مفصلية على عكس الولايات المتحدة التي مالت في مراحل سابقة نحو باكستان. هذه الأزمة دفعت مودي إلى إعادة تقييم مسار الانفتاح على واشنطن، مع فتح قنوات تواصل مع بكين رغم الخلافات المزمنة، حيث يستعد لزيارة رسمية إلى الصين هذا الشهر هي الأولى منذ سبع سنوات للقاء الرئيس شي جين بينغ. وفيما تقلل الخارجية الأميركية من حجم الخلافات وتؤكد بقاء الهند شريكاً إستراتيجياً، يحذر مراقبون من أن استمرار النهج الحالي قد يعمّق ابتعاد نيودلهي عن واشنطن، مهدداً عقوداً من التقارب الإستراتيجي ما لم تُعالَج الخلافات بموازنة دقيقة بين المصالح الاقتصادية والحسابات الجيوسياسية.
09/08/2025