في وقت تتواصل فيه التوترات السياسية والقانونية حول وضعية الملك السابق خوان كارلوس الأول، تبرز اليوم مخاوف جدية من داخل مصلحة الضرائب الإسبانية بخصوص مدى صحة إعلانه إقامته الضريبية في دولة الإمارات العربية المتحدة. إذ يشير مختصون إلى أن هذا التصريح لا يتوافق مع الاتفاقيات الدولية الموقعة بين إسبانيا والإمارات، مما يفتح الباب أمام مطالب متزايدة بضرورة تقديم الملك السابق لإقراراته الضريبية كاملة في إسبانيا، خصوصاً ضريبتي الدخل والثروة.
تؤكد المصادر الرسمية أن الاتفاقية الثنائية التي تهدف إلى تفادي الازدواج الضريبي تشير بوضوح إلى أن الإقامة الضريبية في الإمارات تتطلب أن يكون الشخص من مواطنيها ومقيماً فيها في آن واحد، وهو ما يضع علامة استفهام كبرى على الوضعية الضريبية للملك السابق، خاصة في ظل القوانين الإماراتية التي لا تسمح بحمل الجنسية المزدوجة، ما يعني أن حصوله على الجنسية الإماراتية يتطلب تنازله عن الجنسية الإسبانية، وهو أمر غير معهود.
الشكوك هذه دفعت الجهات المختصة إلى المطالبة بفتح تحقيق شامل ومحايد، يتناول تفاصيل الإقرارات الضريبية التي أودعها الملك السابق للفترة ما بين 2016 و2018، والتي تجاوزت 4.4 مليون يورو، فضلاً عن دراسة مستفيضة لوضع إقامته طويلة الأمد في الإمارات والتي تم الحصول عليها عن طريق استثمار عقاري فخم في جزيرة نوراي بأبو ظبي.
وفي سياق متصل، يُذكر أن الملك السابق استدان مبالغ تفوق 4 ملايين يورو من رجال أعمال إسبان موثوقين لتغطية هذه الضرائب، وقد أبلغت مصادر إعلامية رسمية أنه سدد تلك القروض كاملة، مستنداً إلى أرباحه من نشاطات متعددة في الإمارات، من بينها بيع حقوق إنتاج أفلام وثائقية عن حياته، إلى جانب وساطات تجارية مختلفة.
لكن تحذيرات مصلحة الضرائب لا تتوقف عند هذا الحد، فهي تثير إمكانية وجود مخالفات جسيمة في عملية التسوية الضريبية، وتطالب بتحويل الملف إلى النيابة العامة العليا للتحقيق في احتمال وجود مكاسب مالية غير مبررة تصل إلى أكثر من 8 ملايين يورو، فضلاً عن فتح تحقيقات في ملفات ضريبية أخرى قد تحمل طابعاً جنائياً.
ختاماً، وعلى الرغم من حساسية الموضوع وتداعياته السياسية، فإن المصلحة الضريبية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تتحلى بالمسؤولية والشفافية، وأن لا تتردد في القيام بدورها الرقابي بشكل نزيه وفعّال، ليُبنى على ذلك دولة القانون التي تحترم فيها المساءلة والمحاسبة، مهما كان الموقع أو المنصب.
في زمن تتسارع فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتزداد فيه الحاجة إلى مصداقية المؤسسات، فإن الشعب المغربي – وعلى غرار الشعوب الحرة في العالم – يطمح إلى رؤية العدالة الضريبية تطبق على الجميع بدون استثناء، ويأمل أن تكون دروس هذه القضايا حافزاً لتعزيز الثقة في نزاهة عمل الهيئات الرقابية، التي تمثل العمود الفقري لأي دولة ديمقراطية شفافة وقوية.
09/08/2025