في مشهد يعكس بوضوح واقع الرياضة والإدارة المحلية في إقليم الناظور، تبدو قضية استخدام قاعات غرفة التجارة والصناعة بالناظور أكثر تعقيدًا من مباراة درامية بين فرق الدوري المحلي. تجلّى هذا التعقيد بجلاء بعد الجدل الكبير الذي أثاره تأجيل الجمع العام لفريق هلال الناظور لكرة القدم إثر رفض الغرفة منح الترخيص لاستعمال قاعتها.
الرئيس عبد الحفيظ الجرودي، الذي تصدّر المشهد في هذه القضية، رد بحكمة “احترافية”، مؤكّدًا أن الغرفة لا تمنح تراخيص لعقد جمعيات الفرق الرياضية، وأنها لم توافق من قبل على أي طلب مشابه. أما عن سبب الرفض الأخير، فقد برر ذلك بأن الطلب “افتقر إلى رقم هاتف للتواصل”، وكأن رقم الهاتف أصبح مفتاح الدخول إلى قاعات الدولة ومفتاح الموافقة على طلبات الفرق.
في المقابل، سمح الجرودي بنفس الأريحية للنادي النسوي التابع لنفس النادي واللون والانتماء بعقد جمعه العام، مما دفع بأحد الظرفاء إلى التعليق ساخرًا: “كون محيط سعادة الرئيس من مكونات النادي النسوي، أما الباقي فهما في خانة النسيان والرفض القاطع.”
في ظل هذه التناقضات، يتساءل المتابعون عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الموقف. فالرجل المعروف بدعمه الواسع للرياضة في الإقليم، وكونه منخرطًا وفاعلًا في فريق الهلال النسوي، كيف يبرر رفضه منح قاعة للفريق الشقيق؟ هل الأمر مرتبط بحسابات سياسية داخلية أكثر منها بشؤون رياضية؟
يبدو أن الملف يتعدى الرياضة إلى معترك “الملعب السياسي” داخل الغرفة، حيث تسود حسابات ومصالح شخصية تتجاوز الرياضة إلى ما هو أبعد، وسط حكايات تتهكم عليها الأوساط المحلية حول صراعات داخلية وأحاديث عن غليان خلال الفترة الذهبية لـ”مستودعات القاعة المغطاة” بالناظور الخاصة بالسلة الناظورية، وأسطورة “سطوع نجم نادي إثري الريف الناظوري” في كرة السلة، التي كانت موضوع نقاش في المقاهي وأزمة وسط صفوة الإقليم، كان فيها الجرودي الثائر في مستودعات الحكام في نزالات كانت تُنقل على الهواء مباشرة.
وفي ظل غياب فضاءات مناسبة لاستقبال الجمعيات الرياضية، ربما يحاول السيد الجرودي تبرير موقفه بالخوف من التوترات والانفعالات التي قد تعرض ممتلكات الدولة للخطر، معلنًا أنه يتحمّل المسؤولية الجنائية في حال وقوع أي طارئ، وكأن القاعة تحولت إلى منطقة عسكرية مغلقة.
في النهاية، يبقى السؤال الملحّ: هل الغرفة مجبرة فقط على حماية ممتلكاتها، أم أن هناك حسابات أخرى تقودها في التضييق على الفرق الرياضية؟ وأين دور المنتخبين المحليين الذين يُنتظر منهم تحمل مسؤولياتهم في إيجاد حلول عملية تضمن تنظيم اللقاءات والجمعيات العامة بشكل منصف وحضاري؟
لا يمكن فصل هلال الناظور عن ذاكرة المدينة وأجيالها المتعاقبة؛ إنه إرث حيّ محفور في وجدان كل محب للرياضة والهوية المحلية. وإن خانته القوى الحاضرة، فمن المؤكد أن النادي سيزأر من جديد قريبًا، كما تعود دائمًا من كل تحدّ ومرحلة صعبة، ليظل نبض الناظور وروح أجياله.
هلال الناظور ليس مجرد نادي رياضي عابر، بل هو “نادي الأمة” ومعشوق الجماهير من كل طبقات المجتمع المحلي، من تجار وخدماتيين وصناع، الذين يرفضون التمييز أو التعنت ضد نادٍ يمثل روح المدينة ونبضها. إنه محرك أساسي للتنمية وعجلة حيوية تدفع بالاقتصاد المحلي في مختلف القطاعات، من الرياضة إلى الخدمات، مرورًا بكل ما يحيط بهذه المؤسسة العريقة من نشاطات اقتصادية واجتماعية تشكل جزءًا لا يتجزأ من النسيج المجتمعي للمنطقة.
09/08/2025