أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن انخفاض بسيط في معدل البطالة خلال الفصل الثاني من عام 2025، حيث تراجع من 13,1% إلى 12,8%، غير أن الخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن هذا التراجع لا يعكس تحسنًا جوهريًا، خاصة مع استمرار الإشكاليات البنيوية التي تعاني منها السوق الوطنية، لا سيما بين فئة الشباب التي ما زالت تواجه معدلات بطالة مرتفعة. يوسف كراوي الفيلالي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أكد أن المناصب الشغل المؤدى عنها المحدثة في قطاعات الصناعة والخدمات لا تعوض الخسائر في القطاعات الأخرى مثل الفلاحة، إضافة إلى ضعف استيعاب الخريجين الباحثين عن فرص عمل، مما يكرس أزمة مستمرة في سوق الشغل.
ويبرز الفيلالي أن معدل البطالة بين الشباب لا يزال مرتفعًا رغم الانخفاض الطفيف، حيث يصل إلى حوالي 35,8%، مما يعني أن غالبية الشباب الباحثين عن عمل يواجهون صعوبات كبيرة في الولوج إلى سوق الشغل، بسبب الفجوة بين المهارات المكتسبة ومتطلبات السوق، إضافة إلى ضعف القدرة الاستيعابية للقطاعات الاقتصادية، حيث لا تتعدى معدلات النمو الاقتصادي 4% وتأثرت بعوامل مناخية. ويشير إلى أن القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والخدمات والاقتصاد الرقمي لا تخلق فرصًا كافية، وهو ما يتجلى في خلق 130 ألف منصب شغل مؤدى عنه مقابل فقدان 126 ألف منصب غير مؤدى عنه، في حين يصل عدد الوافدين الجدد إلى سوق العمل إلى 400 ألف سنويًا.
وأكد الخبير أن اعتماد المغرب الكبير على الاستثمارات الأجنبية يضع تحديات حقيقية أمام السيادة الصناعية، حيث تميل الشركات إلى تقليص فرص العمل مع تطور التكنولوجيا واعتماد الذكاء الاصطناعي، وقد تنقل استثماراتها إلى دول أخرى أقل تكلفة، مما يفاقم من أزمة البطالة. ودعا إلى ضرورة إطلاق قطاعات إنتاجية وطنية 100% سواء عبر القطاع الخاص أو شراكات مع القطاع العام، مع التركيز على الصناعات الغذائية التحويلية وغيرها، فضلاً عن ضمان العدالة المجالية في فرص العمل، حيث تشهد جهات ككازابلانكا والرباط معدلات بطالة أقل مقارنة بجهات أخرى مثل فاس مكناس أو الجهة الشرقية. وختم بتأكيد أهمية معالجة الفوارق الجهوية في البطالة كما ورد في خطاب العرش، داعيًا إلى مقاربة مجالية تهدف إلى تخفيض البطالة على مستوى الجهات المختلفة.
09/08/2025
