“إيمازيغن ن مريتش: صمود الأجداد ورسوخ الهوية في قلب مليلية المغربية المحتلة”
حذّرت حركة “نحن مليلية” من مؤشرات خطيرة تؤكد أن الحملة التي يقودها حزب اليمين المتطرف الإسباني “ڤوكس”، بدعم مباشر من الحزب الشعبي (PP)، قد تجد طريقها قريباً إلى مليلية المحتلة، بعد ما وصفته الحركة بـ”البروڤة السياسية” التي جرت في بلدية “خوميا” بإقليم مورسيا، حيث تم منع إقامة صلاة جماعية في فضاء عمومي.
المغربية جادو إدريس، القيادية في الحركة، شددت على أن ما وقع في “خوميا” ليس حادثاً معزولاً ولا صدفة سياسية، بل هو “بالون اختبار” لقياس ردود الفعل قبل تعميم القرار على باقي مدن إسبانيا، وعلى رأسها مليلية، التي تعتبرها “ڤوكس” الجائزة الكبرى في معركتها الإيديولوجية.
وقالت إدريس بلهجة تحذيرية: “من يظن أن الأمر بعيد عنا فهو مخطئ… الرسالة واضحة: أنتم الهدف التالي”.
أوضحت أن أعين “ڤوكس” والحزب الشعبي تتجه نحو ساحة مليلية متعددة الوظائف، التي تشهد كل عام تجمع الآلاف من الأسر المسلمة لأداء صلاة العيد في أجواء روحانية جامعة، مؤكدة أن تكرار سيناريو “خوميا” هنا يعني تحويل مشهد الوحدة والتآخي إلى انتصار سياسي لخطاب الكراهية والعنصرية.
واعتبرت إدريس أن هذا المنع يشكل “اعتداءً مباشراً وصارخاً على حرية المعتقد”، مخالفاً للدستور الإسباني نفسه، مشيرة إلى أن دعاوى قضائية رُفعت في “خوميا” بتهمة المساس بالحقوق الأساسية، أملاً في كبح هذا النهج التصعيدي.
ولم تُخفِ إدريس انتقادها للناطقة باسم الحكومة المحلية، فاضلة مختار، ذات الأصول المغربية، متهمة إياها بالتحول إلى “الناطقة الاحتياطية لڤوكس”، رغم أن الحزب المتطرف – على حد قولها – لن يقبل بها بسبب أصولها.
وختمت إدريس مؤكدة أن حركة “نحن مليلية” لن تسمح بنقل نموذج “خوميا” إلى المدينة، قائلة: “سندافع عن الحق في ممارسة الشعائر، وسنحمي صلاة العيد في ساحتنا الكبرى، وسنحافظ على روح الدستور وجوهر مليلية… الاحترام المتبادل”.
وفي الوقت الذي تتباهى فيه حكومة الاحتلال بمليلية المغربية أمام العالم بكونها المدينة المغربية ذات الثقافات الأربع الحية — الإسلام، والمسيحية، واليهودية، والبوذية للطائفة الهندية — فإن بعض الساسة يسعون لتحويل هذا التنوع الفريد إلى لوحة رمادية باهتة، حيث لا يُسمع سوى صوت واحد ولا تُرى إلا صورة واحدة.
إنه المشهد الذي يحلم به دعاة الكراهية: مليلية بلا أذان، بلا أجراس، بلا تراتيل، وبلا بخور… مدينة تُفرغ من روحها لتصبح مجرد عنوان على خريطة “ڤوكس”. لكن ما لا يدركه هؤلاء أن مليلية، بتاريخها ودمها وروحها، لا ترتدي قناع “التعددية” في المهرجانات فقط، بل تحمله في جيناتها… ومن يراهن على مسح ذاكرة مدينة عمرها قرون، فليستعد لدرس مجاني في التاريخ، حيث تنتهي مسيرات العنصرية دائماً في مزبلة النسيان، بينما يظل التنوع حيّاً، يبتسم ساخرًا في وجوههم.
ولعلّ ما يجهله خصوم التعددية أن المغاربة القاطنين بالثغر المحتل — Imazighen n M’ritch “إيمازيغن ن مريتش”، أحفاد الأرض وحماتها — لم يتوقفوا يوماً عن النضال، جيلاً بعد جيل، لتثبيت هويتهم في أرضهم المغتصبة. فمن مقاومة الاحتلال بالسلاح والكلمة، إلى الدفاع عن لغتهم وثقافتهم وشعائرهم، ظلوا صخرة صلبة أمام محاولات الطمس، يورّثون أبناءهم أن مليلية ليست مجرد مدينة على الخريطة، بل أمانة في الأعناق، وقطعة من روح المغرب لا تموت.
10/08/2025