حسن غربي :
استفاقت ساكنة حي “وراء القدس” بمدينة الحسيمة، مؤخرًا، على وقع تشييد مشروع جديد في وقت قياسي، في مشهد بات مألوفًا بمدينة أصبحت تفاصيلها اليومية محكومة بمنطق “الاستباحة”، وسط غياب تام للشفافية واحترام القوانين التنظيمية والتعميرية، وتزايد المؤشرات على وجود رشاوى وراء تمرير بعض هذه المشاريع.
ما تعرفه الحسيمة اليوم لا يقتصر على خروقات عرضية، بل يعكس حالة فوضى عمرانية واجتماعية متفاقمة، تُنفَّذ أمام أنظار سلطات يبدو أنها اختارت الصمت، أو ربما عاجزة عن التدخل، في ظل تزايد المقاهي والأكشاك والمتاجر التي تُنشأ بلا احترام لأي ضوابط قانونية، الأمر الذي يكرّس انعدام تكافؤ الفرص ويضعف ثقة المواطن .
وتزداد حدة التساؤلات حول غياب المراقبة والمحاسبة في ما يخص الأداء الضريبي لهذه المشاريع، التي تستغل الفضاء العام وتدر أرباحًا معتبرة، دون الوفاء بالتزاماتها تجاه الدولة، في تجاوز صارخ لمبدأ العدالة الجبائية.
الأخطر أن بعض هذه المشاريع تُقام في أماكن غير ملائمة أصلًا، كما هو حال المشروع الأخير الذي احتل جزءًا من الرصيف بشكل استفزازي، مما يزيد من معاناة حي يعاني أصلًا من الاكتظاظ، ويحوّل حياة المارة ومستعملي الطريق إلى جحيم يومي.
مصادر محلية تداولت معلومات عن تورط قائد المقاطعة الرابعة في تسهيل بناء عشوائي فوق سطح مقهى بكورنيش الحسيمة، يعود ملكيته لأحد المقيمين بهولندا، مقابل مبالغ مالية كبيرة، فيما تسود مخاوف من احتمال توقيف قائد المقاطعة الأولى على خلفية شبهات مشابهة، ما يعكس عمق الفساد الذي ينخر بعض مفاصل الإدارة الترابية.
ضعف تدخل عامل الإقليم ، يثير بدوره علامات استفهام عديدة. فالاكتفاء بالمراقبة من بعيد، بدعوى تجنب المواجهة أو مراعاة “النية الحسنة”، لا يعفي من المسؤولية ولا يبرر استمرار هذا العبث.
وأمام هذا الوضع المقلق، يبقى التدخل الفوري وفتح تحقيق نزيه في المشاريع المشبوهة، ضرورة ملحة لوقف العشوائية وردع كل من يستهين بالقانون، حفاظًا على النظام العام وجمالية المدينة وكرامة ساكنتها. لقد آن الأوان لوضع حد للتسيب ومساءلة كل من يعبث بمستقبل الحسيمة ومسارها التنموي.