يخضع مشروع قانون مالية المغرب لسنة 2026 لدراسة معمقة من قبل أكاديميين اقتصاديين ومحللين ماليين، الذين وضعوا المعطيات والمؤشرات الماكرو-اقتصادية الواردة في المذكرة التوجيهية التي عمّمها رئيس الحكومة عزيز أخنوش تحت مجهر التحليل. ويُجمع هؤلاء على أن اللايقين العالمي ما زال يلقي بظلاله على إمكانية تحقيق الأهداف الاقتصادية، إلى جانب التساؤلات الجدية بشأن انعكاس هذه الفرضيات على الواقع الاجتماعي. وتعتمد الحكومة في إعداد المشروع على نهج واقعي وحذر، مع تأكيد ضرورة ضبط الإنفاق وتوجيه الميزانية نحو الأولويات الوطنية في ظل تحديات جيو-سياسية ومناخية متصاعدة، مع التركيز على ميزانية البرامج المبنية على النتائج لتحقيق أثر ملموس بدلاً من مجرد تخصيص الموارد.
تتحدد الأولويات الاقتصادية للمملكة في ترسيخ حضورها الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وتسريع الإصلاحات الهيكلية، مع الحرص على الحفاظ على توازن المالية العمومية. وتتوقع الحكومة معدل نمو يقارب 4.5% خلال سنة 2026، مع خفض عجز الميزانية إلى 3% من الناتج الداخلي الخام، والسيطرة على نسبة المديونية عند 65.8%. إلا أن الأكاديميين يشيرون إلى اتساع الفجوة بين المؤشرات المتوقعة والنتائج المحققة بسبب عوامل داخلية وخارجية معقدة، من بينها تقلبات الأسعار العالمية والضغوط الجيو-سياسية، فضلاً عن التحديات الاجتماعية التي تشمل الحد من البطالة وحماية القدرة الشرائية.
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء الاقتصاد على أهمية قراءة سياسية دقيقة للمؤشرات المالية مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المحتملة للسنة الفلاحية وتقلبات الأسواق الدولية، خصوصًا في مجال الطاقة والمواد المستوردة. كما يشددون على ضرورة ترشيد النفقات العمومية ومراجعة الأنشطة ذات الأولوية المنخفضة، محذرين من بعض التناقضات بين المذكرة التوجيهية والمقتضيات الدستورية المتعلقة بإعداد قوانين المالية. وبذلك، يظل مشروع قانون مالية 2026 محط اهتمام ومناقشة دقيقة بين مختلف الأطراف، في ظل ظروف عالمية متقلبة وضغوط محلية تتطلب موازنة دقيقة بين الطموحات الاقتصادية والحاجيات الاجتماعية.
12/08/2025