كشفت معطيات حديثة عن مشاركة المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، في المؤتمر القومي العربي الذي عُقد في بيروت خلال يونيو 2022، وهي المشاركة التي تمّت على نفقة ميزانية المندوبية السامية، المصروفة من المال العام، وبحضور زوجته، رغم أن هذا الحدث لا يندرج ضمن المهام القانونية الرسمية للمندوبية. إذ تُكلف المندوبية، وفق اختصاصاتها، بتمثيل الحكومة المغربية في الفعاليات الدولية المرتبطة حصراً بالدفاع عن الذاكرة الوطنية وتكريم المقاومين، إضافة إلى إدارة برامج الدعم الاجتماعي والصحي لفائدتهم وأسرهم.
وتزامناً مع هذا ، باشرت الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية للدرك الملكي تحقيقاتها حول شبهات فساد وتجاوزات مالية داخل المندوبية، كان من بينها ملف مشاركة الكثيري في رحلة لبنان، التي أثارت غضباً واسعاً عقب صدور البيان الختامي للمؤتمر الذي شارك في توقيعه بصفته الرسمية. هذا البيان حمل في طياته مواقف معادية للمغرب، منها الثناء على السياسات الجزائرية في الاتحاد الإفريقي التي تُعارض الوحدة الترابية للمملكة، والإشادة بدور الجزائر في مواجهة “التسلل الصهيوني” إلى المنطقة، إلى جانب إدانة العلاقات المغربية الإسرائيلية واتفاقيات التعاون العسكري بين الرباط وتل أبيب، وهي مواقف تتعارض بشكل صارخ مع الاستراتيجيات الرسمية والسياسات الدبلوماسية التي تتبناها المملكة.
تطرح هذه التطورات تساؤلات جوهرية حول مدى تمثيل الكثيري للمؤسسات الرسمية للمغرب خلال مشاركته في بيروت، وهل كان تصرفه منسجماً مع اختصاصات المندوبية السامية وواجب الالتزام بالسياسة الخارجية للدولة، أم أنه انحاز إلى توجهات أيديولوجية ومواقف شعبوية تخالف الموقف السيادي للمغرب، مما قد ينعكس سلباً على صورة المملكة الدولية ويثير جدلاً داخلياً حول آليات الرقابة والإشراف على ممثلي الدولة في المحافل الخارجية.
12/08/2025