في عمق الجنوب الشرقي، يعيش إقليم طاطا صيفاً لاهباً تتحول فيه درجات الحرارة، التي تقترب من 50 درجة مئوية، إلى عبء يومي يثقل كاهل السكان. ومع حلول هذا الفصل، يغدو البحث عن أماكن أكثر اعتدالاً خياراً شبه حتمي، إذ يتوزع الأهالي بين مراكز شبه حضرية قريبة كإيغرم وأكادير ملول، أو مدن ساحلية كأكادير وطانطان، وفق الإمكانات المادية لكل أسرة. ومع تراجع عدد سكان الإقليم إلى نحو 111 ألف نسمة حسب إحصاء 2024، باتت هذه الرحلات الصيفية المؤقتة أشبه بتقليد سنوي فرضته الطبيعة القاسية.
مصطفى تاضومانت، النائب البرلماني عن المنطقة، يصف المشهد بواقعية، مؤكداً أن حرارة الصيف تدفع القادرين مادياً إلى قضاء عطلتهم في مدن معتدلة المناخ داخل جهة سوس ماسة أو خارجها. المشهد ذاته يرسمه بوبكر البخاري، أمين فيدرالية جمعيات جماعة تيسينت، مشيراً إلى أن البقاء في طاطا خلال هذه الأشهر أمر بالغ الصعوبة، خاصة بالنسبة للمرضى وكبار السن، فيما يختار محدودو الدخل وجهات قريبة نسبياً رغم معاناتها أحياناً من شح المياه، كما هو الحال في إيغرم.
أما إبراهيم باعراب، من جماعة أقايغان، فيصف الهجرة الصيفية بأنها ليست ترفاً بل ضرورة ملحّة، إذ تضطر الأسر لمغادرة بيوتها ابتداءً من يونيو حتى بداية سبتمبر، هرباً من مناخ لا يرحم. ولمن لا تسمح لهم ظروفهم بالمغادرة، يبقى الخيار الوحيد مواجهة الحرارة داخل المنازل باستخدام المكيفات الهوائية، رغم ارتفاع تكلفتها على فواتير الكهرباء، في محاولة لتخفيف وطأة صيف يختبر قدرة السكان على التحمل.
13/08/2025