في مشهد أعاد إشعال النقاش حول سلامة الشواطئ المغربية، أصدرت المحكمة الزجرية الابتدائية ببرشيد، اليوم الأربعاء، حكمها في قضية هزّت الرأي العام: عشرة أشهر حبسًا نافذًا وغرامة قدرها أربعون مليون سنتيم ضد الشخص المتورط في دهس الطفلة غيثة بشاطئ سيدي رحال.
القضية التي تحولت من حادث صيفي مأساوي إلى ملف وطني، تعود تفاصيلها إلى أواخر يونيو الماضي، حين كانت غيثة، ذات التسع سنوات، تستمتع بعطلتها على الرمال الذهبية رفقة أسرتها القادمة من إيطاليا. لكن لحظات الفرح انقلبت إلى كابوس، بعدما اخترقت سيارة رباعية الدفع المنطقة المخصصة للمصطافين وهي تجر خلفها دراجة مائية، لتصطدم بالطفلة بقوة مدمرة.
إصابات غيثة كانت بالغة، شملت الرأس والعمود الفقري، وخلّفت عجزًا دائمًا بنسبة 80%، وهو ما وصفه الخبراء بنسبة “كارثية” سترافقها مدى الحياة. بعد إسعاف أولي بمصحة خاصة، قرر الأطباء نقلها خارج المغرب لإجراء عمليات دقيقة، في سباق مع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الحادث فجّر موجة تعاطف وغضب على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #العدالة_لغيثة، حيث طالب الآلاف بعقوبات مشددة على الجاني، وبمراجعة عاجلة للقوانين التي تسمح للمركبات الميكانيكية بالاقتراب من مناطق السباحة.
جمعيات مدنية وحقوقية دخلت على خط القضية، محذّرة من أن التراخي في فرض إجراءات السلامة خلال المواسم الصيفية يحوّل الشواطئ إلى ساحات خطر، بدل أن تكون ملاذًا آمنًا للعائلات والأطفال. ودعت هذه الجمعيات إلى حظر دخول العربات إلى الرمال وتشديد المراقبة، حتى لا تتكرر مآسٍ مشابهة.
وبينما ترى أسرة غيثة في الحكم خطوة أولى في طريق العدالة، يراه متابعون رسالة قوية بأن حياة الأبرياء، وخاصة الأطفال، خط أحمر لا يقبل التهاون. ومع ذلك، تبقى مأساة الطفلة جرس إنذار يذكّر بأن البحر، مهما كان مبهجًا، قد يخفي بين أمواجه ورماله أخطارًا لا تُغتفر إذا غابت القوانين والرقابة.
13/08/2025