في مدينة خنيفرة، وسط جبال الأطلس المتوسط، وُلد البروفيسور المغربي سعيد رزيق سنة 1974، ليخط لاحقاً اسمه في المحافل العلمية الكبرى وأروقة المستشفيات المرموقة في روسيا، كأحد أبرز الأخصائيين في تشخيص وعلاج أمراض الشبكية والعصب البصري. بعد حصوله على شهادة البكالوريا في شعبة العلوم التجريبية سنة 1993، كان يخطط للالتحاق بألمانيا حيث يدرس شقيقه الطب، وبدأ بالفعل دراسة اللغة الألمانية بمعهد “غوته” في الرباط. غير أن الصدفة قادته إلى البيت الثقافي الروسي، فغيّر وجهته إلى موسكو، حيث وصل في ديسمبر من نفس العام ليواجه تحديات بلد يعيش مرحلة انتقالية صعبة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
أمضى رزيق سنة أولى تحضيرية لتعلم اللغة الروسية، ثم التحق بأكاديمية موسكو الطبية وتخرج طبيباً عاماً بعد ست سنوات، قبل أن يتخصص في جراحة العيون بخمس سنوات إضافية نال في ختامها درجة “مرشح العلوم” (PhD)، مبتكراً طرقاً جراحية جديدة ومسجلاً ثلاث براءات اختراع في هذا المجال. سنة 2005، عُيّن مستشاراً بقسم أمراض العيون بالمستشفى الرئيسي لوزارة الداخلية الروسية، رغم عدم حمله للجنسية آنذاك، بقرار استثنائي من الوزير، قبل أن يحصل لاحقاً على الجنسية الروسية. ومع معادلة شهاداته في قبرص، كان يحلم بالعودة إلى المغرب مع زوجته القبرصية، لكن قرار وزارة التعليم العالي بإلزامه بتدريب إضافي لعامين لمزاولة المهنة قطع طريقه، ما دفعه إلى العودة مجدداً إلى روسيا.
اليوم، يتولى البروفيسور رزيق رئاسة قسم جراحة العيون بمستشفى “بوليمب” في موسكو، ويحمل في سجله أكثر من عشرين بحثاً علمياً وخمس أوسمة رفيعة من وزارتي الصحة والداخلية الروسيتين واتحاد المهاجرين، تقديراً لابتكاراته في علاج أمراض الشبكية. ورغم المسافات، ظل قلبه معلّقاً بوطنه الأم، محتفظاً بروابط وثيقة مع المغرب عبر تدريب أطباء شباب في مختبره، وفياً لجذوره، وممتناً لروسيا التي احتضنته وفتحت له أبواب المعرفة والتميز.
13/08/2025