يشهد المغرب مفارقة صادمة في قطاع الدعم الغذائي، حيث تصرف الدولة مليارات الدراهم سنوياً لدعم الدقيق بهدف توفير خبز رخيص ومتاح للفئات الهشة، لكن الواقع يعكس صورة مغايرة تماماً، إذ يضيع جزء كبير من هذا الخبز يومياً في المزابل. تشير الإحصائيات إلى أن المغاربة يتخلصون يومياً من نحو 30 مليون خبزة، أي ما يعادل 11 مليار خبزة سنوياً، وهو ما يوازي حوالي 2 مليون و750 ألف طن من الحبوب، أي أكثر من نصف الإنتاج الوطني السنوي الذي لا يتجاوز 5 ملايين و200 ألف طن.
الأزمة لا تتوقف عند الجانب الاقتصادي فحسب، بل تتعداه لتشمل الصحة العامة، إذ غالباً ما يكون الدقيق المدعوم المستخدم في إنتاج الخبز منخفض الجودة، بعد معالجته وغياب الألياف والفيتامينات منه، مما يؤدي إلى خبز فقير غذائياً يزيد من مخاطر السمنة وأمراض السكري ومشاكل الهضم، خصوصاً في ظل اعتماد المغاربة الكبير عليه في وجباتهم اليومية. هذا الهدر الغذائي يعكس أيضاً ثقافة استهلاكية غير مسؤولة، حيث يُشترى الخبز بكميات كبيرة بلا حساب، ويُستخدم أحياناً كعلف للمواشي أو يُترك ليتعفن.
إضافة إلى ذلك، يشوب توزيع الدعم عيوب سياسية، إذ لا يصل دائماً إلى المستحقين الفعليين، بل يُوظف أحياناً في المواسم الانتخابية لكسب الأصوات، محولاً المساعدات الاجتماعية إلى أداة زبونية سياسية. وتدعو التوصيات إلى إعادة هيكلة نظام الدعم، عبر تحويل الدعم مباشرة إلى الأشخاص المحتاجين عبر آليات مالية أو بطاقات مخصصة، مع ضمان جودة الخبز ومواصلة حملات التوعية لتقليل الهدر، بهدف حماية الموارد الوطنية وإصلاح ملف اجتماعي حساس يضمن للمغاربة الحصول على الخبز كرمز للنعمة لا للضياع.
14/08/2025