في مشهد يختزل أسمى معاني التضحية والإصرار، قضى رجال الوقاية المدنية في شفشاون ليالي بيضاء يواجهون ألسنة اللهب التي التهمت غابات المنطقة بلا هوادة. ظل هؤلاء الأبطال يقاومون النيران وسط تضاريس وعرة ورياح عاتية، غير آبهين بالإرهاق أو المخاطر، مستمدين قوتهم من واجبهم الوطني والإنساني.
وحين أشرقت شمس يوم نهاية الخريف، غلبهم التعب فاستلقوا على قارعة الطريق لالتقاط أنفاسهم، في استراحة قصيرة بعد معركة طويلة مع الحريق، في صورة تلخص حجم المعاناة وشرف المهمة.
الحمد لله، أسفرت جهودهم الجبارة عن السيطرة الكاملة على النيران، التي أتت على أكثر من 500 هكتار من الغابات، مخلفة خسائر بيئية جسيمة، لكنها ولحسن الحظ لم تسجل أي خسائر في الأرواح.
إن هذه الواقعة، بكل ما تحمله من دروس، تفرض على الجميع — سلطات ومجتمعًا — الوقوف وقفة مسؤولية حقيقية، والعمل على تحسين ظروف اشتغال رجال الوقاية المدنية، وضمان دخل لائق لهم، وتعزيز الوسائل اللوجستيكية والمعدات التقنية التي تمكّنهم من التدخل السريع والفعّال. فحماية الغابات ليست مجرد مهمة موسمية، بل هي رهان استراتيجي لحماية رئة المغرب الخضراء وضمان مستقبل بيئي آمن للأجيال القادمة.
وكما علّق أحد الشرفاء على مواقع التواصل الاجتماعي: “هؤلاء الرجال يستحقون، فوق الشكر والتقدير، منحة مخاطر وأداء تحفيزية، لأنهم يواجهون النيران بصدور عارية، ويحرسون بيئة الوطن بأرواحهم قبل أيديهم”.
15/08/2025