kawalisrif@hotmail.com

الحكومة الإسبانية تقرر تجديد البنية التحتية بمعبر سبتة ومليلية

الحكومة الإسبانية تقرر تجديد البنية التحتية بمعبر سبتة ومليلية

أعلنت الحكومة الإسبانية عن طرح مناقصة بقيمة تتجاوز 878 ألف يورو لتكليف شركات بإدارة وصيانة البنية التحتية “للحدود الوهمية” في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، لتشمل الأسوار والمرافق المحيطة بها والمعابر الجمركية. الهدف المعلن هو تعزيز السيطرة على المعابر مع باقي التراب المغربي، لكن الواقع يشي بأن الأمر أقرب إلى استعراض شكلي وإضاعة المال أكثر من تحقيق أي سيطرة فعلية.

العقد الجديد يمتد حتى عام 2028 بعد انتهاء صلاحية العقد السابق في 2026، ويشمل مراقبة الأسوار بطول 8,7 كلم في سبتة و11 كلم في مليلية، إلى جانب متابعة معابر تاراخال وبني أنصار لضمان استمرار عملها، على الورق، بكفاءة ونظافة، وربما إضافة بعض البريق الرمزي الذي يريح الضمائر الإسبانية ويخفف من إحراج مدريد أمام كاميرات الإعلام.

تبرر مدريد العقد بضرورة الحفاظ على جاهزية الأسوار المزدوجة وأنظمة المراقبة المرتبطة بمراكز التحكم، معتبرة أنها ضرورية لوقف تدفق المهاجرين القادمين من إفريقيا تحت إشراف الحرس المدني. لكن المشهد الواقعي يكشف أن هذه الجهود غالبًا ما تتحول إلى روتين شكلي، فيما تعقيد المهمة ونقص الموارد يجعل الاعتماد على شركات خارجية أمراً لا مناص منه. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل ستغير هذه الإجراءات شيئًا على الأرض، أم أنها مجرد مسرحية باهظة الثمن تُعرض على الإعلام لتملأ صفحات الجرائد وتُرضي الضمائر الإسبانية؟

العقد الأصلي وقع في أبريل 2022 مع شركة SGS TECNOS SA بقيمة 274.617 يورو لمدة 24 شهرًا، وتم تمديده لعامين إضافيين حتى أبريل 2026. والآن، ترغب الحكومة الإسبانية في تمديده لعامين آخرين ليشمل الفترة حتى 2028. التبرير الرسمي هو استمرار الضغط على الحدود ومحاولات تجاوز الأسوار، ما يجعل صيانتها “أمرًا ملحًا”، وهو ما يبدو واضحًا لأي مراقب من الجانب المغربي، الذي يتابع المشهد بصمت ويحسب كل خطوة بحكمة، وربما بابتسامة لا تخلو من سخرية.

الشركة الفائزة مطالبة بتقديم تقارير فنية ودراسات لحل أي مشكلات، وتعيين ثلاثة مهندسين أو مهندسين تقنيين مختصين بالبنية التحتية، والإقامة في المدينتين لمتابعة الأعمال اليومية بما يشمل التفتيش الدوري للأسوار والمرافق. كل هذا الجهد يبدو محاولة إسبانية لحفظ ماء الوجه، بينما الواقع على الأرض يقول إن الأسوار والمعابر لم تعد أكثر من شاهد على فشل متكرر. المغرب يراقب بهدوء، متسائلاً عن جدوى كل هذه المناقصات والإجراءات. الحقيقة لا تقبل التأجيل: الحدود موجودة، لكن من يملك القرار الفعلي؟ بغض النظر عن تكلفة العقود أو بريقها الإعلامي، السيادة الحقيقية تبقى لمن يملك الأرض والوعي على جانبي السياج، والباقي مجرد ورق رسمت عليه مدريد خطوطًا، تحاول إقناع نفسها بأنها تملك السيطرة.

وفي نهاية المطاف، يبدو أن مدريد اكتشفت الحل النهائي لكل مشاكل الحدود: صرف الملايين على شركات تقول لها إن الأسوار في أفضل حالاتها، وتقديم جوائز للأقلام المبالغة في التقارير، بينما الحقيقة تتغنى بموسيقى السخرية من بعيد. إذا لم تنجح الطرق التقليدية، فالحل الأكيد هو تحويل الحدود إلى مسرحية باهظة، حيث الجمهور الحقيقي – أي الواقع – يراقب من المقاعد الخلفية، يضحك، ويضع علامات “صح” على كل عقد ومناقصة كأنها نكتة سياسية باهظة الثمن.

16/08/2025

Related Posts