دخل الرئيس التونسي قيس سعيّد في مواجهة مباشرة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية في البلاد، عقب تظاهرة اتهمت قادة الاتحاد بـ”الفساد” أمام مقر المنظمة في العاصمة. وجاء هذا التصعيد بعد إضراب نفذه الاتحاد لثلاثة أيام في قطاع النقل، ما دفع سعيّد إلى التهديد بفتح ملفات للتحقيق وتأكيد تطبيق القانون على الجميع، بينما اعتبرت قيادة الاتحاد أن المحتجين أنصار للرئيس حاولوا اقتحام مقرها، مؤكدة على استقلاليتها ومكانتها كأحد أركان الديمقراطية في تونس.
وقد أثار التصعيد مخاوف حقوقية ودولية، حيث وصف بسام خواجا من منظمة “هيومن رايتس ووتش” تهديدات الرئيس للنقابات بأنها انتهاك جديد للمؤسسات التي يسعى إلى تفكيكها، فيما رأى أستاذ التاريخ عبد اللطيف الحناشي أن الموقف يمثل تحديًا قد يدفع الاتحاد إلى التصعيد، ما يهدد الاستقرار ويزيد من احتمالات المواجهة بين الطرفين. رد الاتحاد جاء سريعًا بإعلان تنظيم مسيرة وتظاهرة للدفاع عن المنظمة واستئناف المفاوضات الاجتماعية، مع تهديد بالإضراب العام، مؤكدًا على استقلاليته وحقه في اللجوء للقضاء لإثبات أو نفي الاتهامات الموجهة له.
وتأتي هذه الأزمة في ظل خلفية تاريخية للنقابة منذ تأسيسها عام 1946، حيث لعبت دورًا مهمًا في مقاومة الاستعمار الفرنسي والفترة ما بعد الثورة التونسية عام 2011، وحازت على جائزة نوبل للسلام عام 2015. ومع تراكم الخلافات الداخلية داخل الاتحاد وظهور مطالب بإعادة ترتيب الأوضاع، يبدو أن النقابة تواجه تحديات مزدوجة؛ تصاعد الضغوط من السلطة على جانب، والانقسامات الداخلية على جانب آخر، ما يهدد بإضعاف أحد أعمدة المجتمع المدني في تونس ويزيد من هشاشة المشهد الديمقراطي.
16/08/2025