كشف تقرير رصدي صادر عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، يغطي الفترة الممتدة بين 2018 و2022، عن سلسلة من الاختلالات الجسيمة في تنفيذ مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمجموعة من الجماعات الترابية بالمغرب، مع تركيز خاص على البنية التحتية التعليمية وبرامج دعم الفئات الهشة. وأبرز التقرير أن المشاريع تعاني من ضعف التخطيط والتتبع، ما أدى إلى تجاوزات مالية وتقنية انعكست سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين.
وأورد التقرير حالات محددة، منها بناء أربع قاعات دراسية في مبنى واحد بطابقين بجماعة خميس متوح بإقليم الجديدة بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 11.95 مليون درهم، رغم أن التصميم الأصلي كان مخصصًا لقاعات منفردة، ما تسبب في تشققات خطيرة في المبنى بالرغم من الدراسات الجيوتقنية اللاحقة. كما شمل التقرير بناء قاعة جديدة بمدرسة داودات بجماعة شروكة بتكلفة 171.401,40 درهم، دون تحديد واضح لشروط الإنجاز أو الضمانات المطلوبة، ما يعكس قصور آليات التدبير التعاقدي والرقابة على المشاريع. ولفت التقرير إلى تراجع المساحات المخصصة للفصول مقارنة بالمخططات النموذجية، حيث تقلصت المساحات أحيانًا من 70 مترا مربعا إلى 48 مترا مربعا، مع زيادات غير مبررة في كلفة الأشغال، ما يعكس ضعف التخطيط والرقابة المالية.
كما أبرز التقرير إخفاقات برامج دعم الفئات الهشة وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، حيث لوحظ غياب تشخيص دقيق للفئات المستهدفة، مما أدى إلى استبعاد بعض المستفيدين وصرف مبالغ دون التثبت من الاستحقاق، كما حصل مع جمعيات “APOS MALAK” و”AMESIP”. وسجل التقرير خروقات مالية وإدارية لدى عدد من الجمعيات، منها استخدام فواتير غير قانونية، وانحراف بعض المراكز عن أهدافها الأصلية، بالإضافة إلى إخفاقات في تدبير منصات رقمية للشباب مثل جمعية “Entre Elles”، التي حصلت على تمويل دون طلب عروض، مع إغلاق المنصة لفترات طويلة وصرف مبالغ باهظة على تطوير تطبيقات غير مستغلة. كما أشار التقرير إلى تدخلات غير عادلة في تقييم المشاريع، وحجب بعض المشاريع عن لجنة المصادقة، ما أضعف العدالة والشفافية في توزيع التمويلات، ونتج عن ذلك انخفاض نسبة الإنجاز إلى 30٪ فقط، مع غياب خمسة مشاريع كاملة. وأكد التقرير كذلك على صعوبات في التحقق من الشركات المكلفة بالتكوين وغياب مساطر دقيقة للتقييم والتنقيط، ما حد من الابتكار وأثر على التوزيع الجغرافي العادل للمشاريع.
17/08/2025
