أثارت الحملة التي يقودها بعض التيارات الإسلامية ضد منتجات “كارفور” في المغرب جدلاً واسعاً، بعدما تبين أن المتضرر الأساسي منها هو مجموعة مغربية خالصة هي “لابيل ڤي” (Label’Vie)، المدرجة في بورصة الدار البيضاء منذ سنة 2008. هذه المجموعة أسسها رجال أعمال مغاربة من بينهم زهير بناني، وتضم مستثمرين بارزين مثل شركة “سانلام” التابعة لحفيظ العلمي، وتشغل آلاف الأجراء المغاربة، فضلاً عن التزامها بدفع الضرائب وخضوعها لمراقبة دقيقة. فمنذ 2009 حصلت “لابيل ڤي” على امتياز حصري لتشغيل علامة “كارفور” محلياً، ما يعني أن الدعوات إلى مقاطعة هذه المنتجات لا تصيب باريس ولا تل أبيب، بل تضرب في العمق مؤسسة وطنية تساهم في تشغيل آلاف الأسر.
الحملة بلغت ذروتها بعد توقيف ثلاثة طلاب من “منظمة التجديد الطلابي”، الذراع الطلابي لحركة التوحيد والإصلاح، بمدينة تطوان إثر توزيعهم مناشير تدعو إلى المقاطعة بدعوى التضامن مع فلسطين. غير أن التساؤلات تعالت حول سبب التركيز على “كارفور” في المغرب، في وقت توجد شركات أمريكية وبريطانية وفرنسية أخرى لها ارتباطات مباشرة مع إسرائيل واستثمارات معلنة في المستوطنات، لكنها ظلت بمنأى عن أي تحرك مشابه. هذا الانتقائية في الاختيار تكشف، بحسب مراقبين، عن حملة غير مدروسة تضر بالاقتصاد الوطني أكثر مما تنفع القضية الفلسطينية.
المفارقة الكبرى تكمن في أن التيارات ذاتها التي تقود اليوم حملات المقاطعة كانت في فترة سابقة جزءاً من الحكومة التي وقعت على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل، حين كان سعد الدين العثماني رئيساً للحكومة وزعيماً لحزب العدالة والتنمية، الحاضن السياسي لحركة التوحيد والإصلاح. بل إن تلك المرحلة شهدت تطويراً للتبادل التجاري وتعزيزاً للعلاقات الثنائية مع تل أبيب. اليوم، وبعد أن كانوا شركاء مباشرين في قرارات التطبيع، يسعى هؤلاء إلى ركوب موجة الاحتجاج عبر حملات المقاطعة، في تناقض صارخ يثير الكثير من علامات الاستفهام حول مصداقية مواقفهم.
18/08/2025