تعيش مدينة مراكش مرحلة حاسمة في مسارها التنموي، بعدما أطلقت الوكالة الحضرية في يوليوز الماضي مخططا توجيهيا لتهيئة “مراكش الكبرى”، في محاولة للتوفيق بين تحديات النمو العمراني والاقتصادي المتسارع، وتزايد حاجيات الساكنة والزوار، وبين ضرورة الحفاظ على التراث الغني والموارد الطبيعية الهشة. ويأتي هذا المشروع في وقت تعاني فيه المدينة من ضغط بيئي متنام، حيث يواصل الزحف العمراني تهديد الأراضي الزراعية الخصبة، وتتفاقم مشاكل النقل والتخطيط، فيما لا تزال بعض الأحياء تعاني من غياب البنيات الأساسية.
ويرتبط هذا الورش الكبير بخطط أخرى انطلقت خلال السنوات الأخيرة، من أبرزها “الخطة المناخية الترابية” التي يمولها الصندوق العالمي للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بميزانية تناهز 100 مليون درهم، إضافة إلى مشروع “إيكو-مدينة” الذي ساهم في تقليص النفايات وتعزيز الحرف التقليدية بأساليب عصرية تحترم البيئة. كما تواصل المدينة تنفيذ مشاريع مهيكلة في مجالات النفايات والمياه، من بينها مركز الطمر والتثمين في المنابهة، ومحطة معالجة وإعادة استخدام المياه العادمة التي تعد الأكبر من نوعها في إفريقيا، والتي توفر حاليا ملايين الأمتار المكعبة من المياه لري ملاعب الغولف وواحة النخيل.
ومع ذلك، تبقى معضلة النقل واحدة من أعقد الملفات التي تواجه “المدينة الحمراء”، حيث تعاني شبكة الحافلات الحالية من التقادم وضعف التغطية، ما أدى إلى مصادقة وزارة الداخلية مؤخرا على صفقة جديدة لإطلاق حافلات عالية الخدمة وإدخال مشغل جديد لهذا القطاع الحيوي. وفي موازاة ذلك، أطلقت السلطات برنامجا ضخما لتأهيل ساحة جامع الفنا والأسواق التاريخية ضمن رؤية “مراكش 2030”، بميزانية ملياري درهم، غير أن واحة النخيل الشهيرة لا تزال تواجه خطر التدهور بفعل التوسع العمراني والسياحي، ما يجعل مستقبل المدينة معلقا بين إغراءات الاستثمار وضغوط الحفاظ على توازنها البيئي والثقافي.
19/08/2025