في أجواء خاصة تتزامن مع احتفالات الشعب المغربي بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب ، كتب الشاب المغربي–الألماني محمد ذا ماشين، صفحة جديدة في سجل الملحمات الوطنية، وهو يصل عصر يومه الأربعاء عند حدود الثالثة زوالا إلى ميناء بني أنصار بالناظور، بعد رحلة استثنائية راكضًا من مدينة دوسلدورف الألمانية، انطلقت يوم 11 يوليوز 2025، قطع خلالها آلاف الكيلومترات متحديًا التضاريس القاسية وتقلبات المناخ وصعوبات الطريق.
محمد، حفيد ساكنة الناظور من جهة جدته، جسّد من خلال هذه المغامرة ارتباط الأجيال الجديدة بجذورها في أرض الريف، ليؤكد أن الانتماء للوطن ليس مجرد رابط دم، بل عهدٌ يتوارثه الأحفاد عن الأجداد، ويترسخ عبر أفعال تحمل معاني التضحية والوفاء.
هذا الإنجاز لم يكن مجرد سباق فردي، بل تجسيدًا حيًا لقيم الولاء للوطن وثوابته ، حيث التقت عزيمة يافع لم يتجاوز الخامسة عشرة بإرادة راسخة من الجيل الرابع لمغاربة العالم، ليعلن أمام الجميع أن الانتماء لا تحدّه المسافات، ولا تُضعف جذوره عواصف الغربة.
وقد وثّق محمد رحلته خطوة بخطوة عبر منصاته على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتابعه أزيد من 46 ألف شخص، شاهدوا مشاهد جسدت قوة الإرادة: بين حرارة الشمس وأمطار الطريق، وبين تضاريس الجبال وابتسامات البسطاء الذين مدّوه بالطاقة لمواصلة المسير. وهكذا تحولت رحلته إلى ملحمة إنسانية ملهمة تابعتها جموع المغاربة بفخر واعتزاز.
ورافق المغامر اليافع والده، الألماني المسلم منذ انطلاقة المغامرة، فيما شكّلت كوكبة من عدائي نادي الاتحاد الإفريقي الناظوري لألعاب القوى طوق دعم ومساندة في اتجاه مدينة الناظور، انطلاقًا من بوابة الميناء. وقد احتشد مئات المتابعين الذين تهافتوا على احتضانه وتشجيعه في مشهد مؤثر، عكس حرارة الانتماء وعمق الروابط الوطنية.
ولم يقف المشهد الاحتفالي عند حدود الميناء، بل امتد إلى كورنيش الناظور، حيث وصل محمد إلى معلمة “أحب الناظور” وسط هتافات ودموع الفرح، في لحظة رمزية اختزلت معاني العشق للوطن والانتماء للأرض. هناك، عند القلب النابض للمدينة، تعانقت الملحمة الفردية بروح الجماعة، وتجسدت في لوحة إنسانية وطنية ستظل راسخة في ذاكرة الناظوريين.
كما خصصت السلطات المحلية وجماعة بني أنصار استقبالًا رمزيًا يليق بالمناسبة الوطنية، التي تتقاطع فيها ملحمة الفرد مع روح الأمة. وأعربت مؤسسة مغاربة العالم، التي تابعت في آخر اللحظات خبر وصوله، عن اعتزازها بهذا الإنجاز الرياضي–الإنساني، مؤكدة أنه يجسد الرؤية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من الرياضة مدرسة لغرس قيم الانضباط والمثابرة والانتماء في نفوس الشباب، سواء داخل الوطن أو بين أفراد الجالية المغربية بالخارج.
اليوم، يعود محمد “ذا ماشين” إلى مسقط رأس أخواله في مدينة الناظور، لا كعدّاء أنهى مغامرة شاقة فحسب، بل كرمز حي للأمل والطموح، ورسالة صريحة من الجيل الرابع لمغاربة العالم إلى وطنهم الأم:
إنها ليست مجرد قصة شاب ركض آلاف الكيلومترات، بل ملحمة تتناغم مع روح ثورة الملك والشعب، وتتعانق مع دلالات عيد الشباب، حيث يلتقي الحلم الفردي بالعنفوان الجماعي، في صورة تعكس جوهر المغرب: وطن يستمد قوته من شبابه، وتبقى جذوره ضاربة في كل أرض يوجد فيها أبناؤه.
20/08/2025