kawalisrif@hotmail.com

الداخلية بين الواقع الدستوري والشائعات السياسية.. تأويل ديمقراطي أم زوابع وهمية؟

الداخلية بين الواقع الدستوري والشائعات السياسية.. تأويل ديمقراطي أم زوابع وهمية؟

تشهد الساحة السياسية المغربية هذه الأيام موجة من التهويل والشائعات حول ما يُعتقد أنه تصعيد لصلاحيات وزارة الداخلية على حساب رئاسة الحكومة، بعد تكليف الملك لوزارة الداخلية بمهام تقنية محددة. بعض الأصوات المعارضة واليسارية، إضافة إلى منتديات البواجدة ومقربيها، يحاولون تصوير الأمر على أنه صراع سياسي أو تغول داخلي، بينما الحقيقة أن الملفات المعنية هي في جوهرها تقنية، وتكليف الملك لها مباشر ضمن صلاحياته كرئيس الدولة ورئيس المجلس الوزاري، دون المساس بالاختصاصات الدستورية لرئيس الحكومة. هذه التصرفات، رغم بساطتها الشكلية، تُستغل لأغراض سياسية وإشاعة وهم السيطرة الداخلية، بينما الواقع يشير إلى انتظام المؤسسات واحترام الدستور.

النقد الحقيقي يجب أن ينصب على أولئك الذين يدعون محاربة الفساد والاستبداد، ويستحضرون ممارسات قديمة مرتبطة بزمن البصري، زمن التغول الداخلي، في محاولة لإثارة الرعب والحنين إلى سلطة غير مقننة. المثير للدهشة هو أن هذه الدعوات تأتي من سياسيين منتخبين وأحزاب ديمقراطية، بينما يتجاهلون المبادئ الأساسية للسيادة الشعبية، إذ إن رئيس الحكومة المنتخب أخنوش يمثل إرادة صناديق الاقتراع ويعمل وفق مشروع انتخابي محدد، وليست هناك أي دلائل على أن وزارة الداخلية تجاوزت صلاحياته، أو أن الملك ينسف الاختيار الديمقراطي للشعب.

تاريخيا، أسند الملك منصب وزير الداخلية بناء على اقتراحات رؤساء الحكومات، كما حصل مع العنصر وحصاد وللفتيت لاحقا، مع احترام كامل للتوافقات الحزبية وبرامج الحكومة، مما يعكس تأويلا ديمقراطيا للدستور وليس تغولا على الاختيارات الشعبية. أي احتفال بفرض سيطرة داخلية على اختصاصات الحكومة، أو ترويج لأوهام تقويض النتائج الانتخابية، هو في جوهره إساءة لفهم مبادئ الديمقراطية والانتخابات، ويشوش على تقدير المصلحة العامة واحترام القانون، وهو ما يجب تمييزه عن المهام التقنية الاعتيادية التي تضطلع بها الداخلية في خدمة الدولة والمواطنين.

20/08/2025

Related Posts