في الوقت الذي كان فيه سكان الناظور ينتظرون أن تتحول مدينتهم إلى وجهة حضارية نظيفة تليق بسمعتها ومكانتها، وجدوا أنفسهم يعيشون وسط واقع مرير لا يطاق. فالشوارع والأزقة والأحياء غارقة في أكوام الأزبال، وروائح كريهة تزكم الأنوف في كل زاوية، حتى أن المارة باتوا يغيرون مساراتهم هربًا من المشاهد المقززة التي أصبحت جزءًا من يومياتهم. المدينة التي كانت توصف بجوهرة الريف، تحولت إلى لوحة سوداء من الفوضى واللامبالاة، والسبب هو غياب أي تدخل فعّال من الجهات المفترض أن تكون في قلب المسؤولية.
شركة النظافة، التي تتلقى الملايير من ميزانية الجماعة، اختفت من الميدان وكأنها غير معنية بما يحدث، فلا شاحنات تجوب الأحياء في الوقت المناسب، ولا عمال يحرصون على جمع الأزبال بشكل دوري. المشهد يزداد قتامة حين نعلم أن رئيس جماعة الناظور يقف موقف المتفرج، لا قرارات حازمة، ولا محاسبة للشركة، ولا حتى توضيحات للرأي العام. هذا الصمت المريب يثير غضب الساكنة التي ترى في ذلك استهتارًا صارخًا بصحتهم وكرامتهم.
الخطر لم يعد يقتصر على المنظر المزعج فقط، بل بات يهدد صحة المواطنين بشكل مباشر، فالأزبال المتراكمة تستقطب الحشرات والجرذان، وتتحول إلى بيئة خصبة لانتشار الأمراض. ومع ارتفاع درجات الحرارة، تصبح الأوضاع أكثر خطورة، ما ينذر بكارثة بيئية وصحية قد تنفجر في أي لحظة. كل هذا يحدث في مدينة لطالما تغنّى مسؤولوها بمشاريع التنمية والواجهة البحرية والحداثة، بينما الواقع يكشف عن صورة صادمة لغياب أبسط مقومات العيش الكريم.
اليوم، سكان الناظور يرفعون أصواتهم غاضبين، مطالبين بمحاسبة الشركة المتقاعسة، ومساءلة رئيس الجماعة الذي وضع المدينة في خانة “خارج التغطية”. التساؤلات تتصاعد: من يحمي مصالح المواطنين؟ ومن يضع حدًا لهذا العبث الذي يسيء لصورة الناظور أمام أبنائها وزوارها؟ وإلى متى ستظل المدينة تختنق وسط الأزبال بينما المسؤولون في صمت مطبق لا يثير سوى الاشمئزاز ؟