منذ ثلاثة أيام، تعيش الأجهزة الأمنية المركزية، بقيادة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حالة استنفار قصوى، في سباق محموم لفكّ خيوط ما بات يُعرف إعلاميًا بـ”عرس الفضيحة”، الذي نظّمه أحد كبار أباطرة المخدرات في الناظور ، الملقب بـ”موسى”، عبر حفل زفاف أسطوري استعراضي لم يشهد له إقليم الناظور مثيلًا.
هذا الحفل، الذي جرى في مشهدٍ استفزّ السلطات ، فجّر تساؤلات خطيرة حول مدى تغلغل الجريمة المنظمة في النسيج المؤسساتي بالإقليم، وحجم الحماية أو التساهل الذي يبدو أن هذا البارون قد حظي به من جهات يُفترض فيها إنفاذ القانون، لا التواطؤ مع من ينتهكه.
الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناظور دخل على الخط بسرعة، حيث أعطى تعليماته مجددا يومه الجمعة للفرقة الوطنية ، بعد إطلاعه من قبل ضابطين على مستجدات الأبحاث ، بفتح تحقيق شامل، لا يقتصر فقط على تفاصيل الحفل، بل يتوسع ليشمل احتمالية وجود شبكة تواطؤ أوسع، حيث تم الإستماع لعناصر من الأمن الوطني ، لا سيما العاملين بنقطة التفتيش عند مدخل المدينة .
مصادر موثوقة أكدت أن عناصر أمنية خضعت بالفعل للتحقيق، بعد الاشتباه في تغاضيها عن موكب السيارات الفارهة الذي نقل المدعوين في مشهد استعراضي فجّ، حيث تم استبدال لوحات الترقيم القانونية بأخرى مزورة كُتب عليها اسم “موسى”، في تعبير صارخ عن التحدي والاستهتار بالسلطات .
هذا المشهد العبثي، الذي حوّل الزفاف إلى عرض عضلات مافيوي، فتح أبواب جهنم على مؤسسات يُفترض بها حماية أمن المواطنين، لا احتضان شبكات الإجرام. مؤسسات باتت اليوم مطالَبة بتقديم أجوبة واضحة، في ظل تنامي الاتهامات بوجود تغطية أو تواطؤ ضمني مع مافيا التهريب.
فهل ستنجح الفرقة الوطنية في تفكيك هذه الشبكة العنكبوتية؟ وهل سيُطيح هذا الملف برؤوس نافذة داخل الأجهزة الأمنية؟ أم أنّه سينتهي كما انتهت قضايا مماثلة إلى رفوف النسيان؟
الأسابيع القادمة وحدها كفيلة بإماطة اللثام عن خبايا ما جرى ويجري في كواليس الناظور، حيث تذوب الحدود بين السلطة والجريمة، وتُخلط الأوراق بين السياسة والأمن، في مشهد متفجر قد ينسف ما تبقّى من ثقة في بعض المؤسسات.
ورغم كل مظاهر التراخي، وتورط عناصر بمفوضية شرطة أزغنغان كذلك ، تظل الدولة المغربية، بقيادة أجهزتها السيادية، متيقظة وصلبة. فما حدث في الناظور لم يمر مرور الكرام، بل قوبل بتحرك فوري وقرارات صارمة، تجسّد قوة الدولة عندما تُستفز قوانينها أو تُمسّ هيبتها.
22/08/2025