مرة أخرى، يثبت حزب ڤوكس أن رصيده السياسي لا يُبنى إلا على صناعة الأعداء الوهميين والتلاعب بالمفاهيم الدينية والثقافية، إذ خرج هذه المرة ليلغي ما سماه بـ”إقامة الصلاة” في مدينة مورسيا، متذرّعًا بأنها “غير قانونية” لعدم حصولها على الترخيص ودفع الرسوم المتعلقة بالمرفق العام.
لكن الحقيقة التي حاول ڤوكس طمسها، أن النشاط لم يكن صلاة من الأساس، بل مجرد محاضرة فكرية وفعالية ثقافية لاستقبال ضيف إفريقي، كما أكدت كل من البلدية وهيئة الاتحاد الإسلامي. غير أن خطاب اليمين المتطرف لا يعيش إلا على الإثارة والتأجيج، فحوّل كلمة “محاضرة” إلى “صلاة”، ثم قدّمها لجمهوره كـ”تهديد حضاري” يهدد هوية إسبانيا.
الأدهى من ذلك أن من وافق مبدئيًا على النشاط هو الحزب الشعبي، قبل أن يتراجع ويترك الساحة مفتوحة أمام ڤوكس ليزايد ويستعرض بطولاته الوهمية.
وهكذا، تحوّل لقاء ثقافي عادي إلى قضية انتخابية تُستعمل فيها الجالية المغربية والمسلمة كورقة ضغط، في وقت يعلم فيه المواطنون الإسبان أن المشاكل الحقيقية لبلادهم ليست في سجادة صلاة ولا في نشاط ثقافي، بل في أحزاب تعيش على نفخ أبواق الخوف وتقديم الوهم على أنه سياسة.
أما المفارقة التي تفضح تناقض الخطاب العنصري، فهي أن إسبانيا لم تعد لتتذوّق نشوة الانتصارات الكروية في السنوات الأخيرة إلا بفضل مساهمات أقدام أبناء المهاجرين، الذين يُصفّق لهم الجميع في الملاعب وهم يهزون الشباك، قبل أن يتحوّلوا فجأة في خطب ڤوكس إلى “تهديد حضاري”. وهكذا، يظل اليمين المتطرف عالقًا بين رفع الكؤوس بأقدام المهاجرين… ورفع الشعارات ضدهم على منابر الوهم.
22/08/2025