تحوّل دوار أولاد إبراهيم بجماعة تزطوطين، إقليم الناظور، إلى بؤرة غضب بعدما ضاقت الساكنة ذرعًا بما تسميه “مقلع الموت”، المشروع المثير للجدل الذي جاء محمّلًا بالغبار والدخان والارتجاجات للساكنة المجاورة ، وجلب معه رائحة الفساد والصفقات المشبوهة.
تفجيرات شبه يومية وأحيانا ليلا ، باتت تشقّ جدران البيوت كما تشقّ صمت المنطقة، وغبار خانق يطوّق صدور الأطفال والماشية، ليحوّل حياة الناس إلى جحيم. والأدهى أن أغلب المتضررين من أبناء الجالية المغربية بالخارج، الذين صُدموا بتمرير المشروع على عجل ودون استشارتهم، بل حتى دون تعليق إشعار رسمي بالجماعة، حيث لم يُخبَروا إلا قبل يومين من المصادقة عليه داخل أروقة المجلس الجماعي.
وتقول الساكنة إن الطامة الكبرى تكمن في “السطو على الحقوق”، إذ جرى تجاهل ورثة المرحوم أحمد العبدلاوي، المالك الأصلي للأرض التي نُصبت فوقها آليات المقلع، دون أي تعويض أو حتى إشعار، في مشهد وصفوه بـ”الاغتصاب العقاري” .
الأكثر إثارة للغضب، ما اعتبرته الساكنة “خيانة بيضاء”، بعدما أقدمت جمعية أولاد إبراهيم للتنمية على توقيع اتفاق وُصف بالمشبوه مع ممثل الشركة المستغلة ( شركة سطابور ش.م.م ) المدعو راشيد أعزيزي، باسم الساكنة ودون علمهم. والأغرب أن التوقيع جرى خارج تراب الجماعة، في مكان بعيد بعشرات الكيلومترات، وبالضبط بجماعة بني سيدال ، وكأن العملية أُريد لها أن تمرّ في الظلام بعيدًا عن أعين المتضررين.
وفي موقف غاضب، رفعت الساكنة أصابع الاتهام إلى منتخبين وفاعلين محليين، وطالبت بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة من وصفوهم بـ”المتواطئين” في هذه الكارثة، وفي مقدمتهم: محمد المومني (رئيس المجلس الجماعي)، امجاهد امحند النائب الثاني للرئيس ، ورحو عبد الله وكلاهما ( ممثلا الساكنة ) في المجلس ، بلفضيل ميلود النائب الثالث لرئيس المجلس (ممثل أحد الدواوير )، يوسف العرباوي ( النائب الأول للرئيس)، الجيط محند (رئيس سابق لجمعية أولاد إبراهيم وصديق رئيس الجماعة)، إضافة إلى أزحيمي عبد الكريم والمختار كروم (عضوان بالجمعية)، ويزيد أمجاهد ( أحد أقارب ممثل الساكنة ).
القضية لم تعد مجرّد “خلاف محلي” حول مقلع حجارة، بل تحوّلت إلى معركة كرامة وحق في العيش داخل بيوت آمنة وقرية نظيفة، بعيدًا عن غبار الموت وصفقات الغرف المغلقة. وبصوت واحد هتف السكان: “لن نبيع أرضنا ولا كرامتنا … لن نسكت عن الظلم … والمحاسبة قادمة لا محالة.”
وحسب وثيقة حصلت عليها جريدة “كواليس الريف” ، فقد جرى توقيع اتفاقية تنص على إنشاء مقلع حجري مؤقت لمدة ثلاث سنوات، مع التزام الشركة بتهيئة طريق نحو مركز دوار أولاد علي مرورًا بدوار اعسوتن على مسافة أربعة كيلومترات، في محاولة لتلميع صورتها أمام الرأي العام … لكن المثير أن تصحيح الإمضاء لم يتم داخل جماعة تزطوطين، بل نُقل سرًّا إلى جماعة بني سيدال لوطا، حيث وقّع رئيسها سعيد بيلال بنفسه وبخاتمه، في خطوة وصفها السكان بـ”التحايل التنموي”.
أما الجمعية التي وُصفت بـ”المشبوهة”، فقد فضّلت بدورها الابتعاد عن تزطوطين وبني وكيل والعروي، لتلجأ إلى توقيع الوثيقة بحضور وفد قصد “تصحيح الإمضاء”، في محاولة لإضفاء شرعية غائبة.
من جهتهم، عبّر أبناء الجالية المغربية بالخارج عبر مجموعات “واتساب” عن غضبهم وسخريتهم السوداء مما يجري، معتبرين أن الشركة لا تفكر سوى في تقليص المصاريف وتعظيم أرباحها على حساب صحة المواطنين وسلامة بيئتهم ، ويطالبون عامل إقليم الناظور الذي وصفوه برجل المرحلة والشخص الأكثر نزاهة ، بفتح تحقيق شامل عبر أشخاص نزهاء لمعرفة كيفية الترخيص لهذا المقلع الغير القانوني .
واختتم أحد المتضررين بتعليق ساخر :
“إذا كانت الشركة حريصة فعلًا على راحتهم وتنميتهم، فلتُدخل بنودًا جديدة في الاتفاقية… تشمل توزيع أجهزة تنفس صناعي وغسالات أوتوماتيكية بخاصية التجفيف، حتى تستطيع الساكنة العيش وسط غبارها بلا اختناق، وتنشر غسيلها بلا عار” .
— تفاصيل خطيرة وصادمة عن الترخيص المزور للمقلع تأتيكم لاحقا !!