لا يكاد يمر يوم في مليلية المحتلة دون أن تنكشف خبايا جديدة من الإهمال البيئي المتراكم، الذي خلّفته الإدارات الإسبانية السابقة، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي الإسباني (PSOE).
فقد وجّه رئيس حكومة المدينة المحتلة، خوان خوسيه إمبرودا، انتقادات لاذعة إلى هذه الإدارات، واصفًا إياها بأنها “الأسوأ والأكثر إخفاقًا” في مجال حماية البيئة. وأكد أن الكوارث لم تتوقف عند المستوى المحلي، بل امتدت إلى سياسات الحكومة المركزية في مدريد.
ووفقًا لإمبرودا، يُعد الضرر البيئي في منطقة أغوادو، المصنفة كمحمية طبيعية أوروبية، مثالًا صارخًا على العبث، حيث تسبب تعزيز الحدود الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية في تدمير المناظر الطبيعية وإلحاق أضرار جسيمة بالتنوع البيولوجي. وفي حديقة لوبرّا، جرى القضاء على الأشجار بطريقة وصفها بـ”النهب البيئي”، وسط صمت مريب من الأحزاب الممثلة للمدينة المحتلة.
أما محطة كهرباء إنديسا، فقد واصلت العمل في قلب المدينة لأكثر من 35 عامًا رغم مستويات التلوث المرتفعة، في حين كان بالإمكان تحويلها إلى الغاز الطبيعي ضمن مشروع توسعة الميناء. غير أن الإدارة الاشتراكية رفضت المشروع، لتُحرم المدينة من استثمار يُقدّر بـ300 مليون يورو، إضافة إلى أكثر من 170 فرصة عمل، في ما اعتبره إمبرودا “عرضًا صادمًا للاستهتار بالبيئة وبمصالح السكان”.
وشدد المسؤول المحلي على أن الصمت واللامبالاة من قبل الاشتراكيين، وانشغالهم بقضايا هامشية، حال دون أي مبادرة حقيقية لحماية البيئة، وهو ما يعكس بوضوح أن مليلية لم تكن يومًا ضمن أولويات مدريد.
وهكذا يتضح أن المدينة المغربية المحتلة لا تزال رهينة تراكمات طويلة من الإهمال، بينما تواصل السلطات الإسبانية – سواء الاشتراكيون أو الحزب الشعبي – تقديم مبادرات شكلية لتجميل صورتها أمام الرأي العام، فيما يزداد الواقع البيئي سوءًا عامًا بعد عام.
في خضم هذه “المهزلة البيئية”، يجد سكان مليلية المحتلة، وفي مقدمتهم الغالبية المغربية الأصلية، أنفسهم أبطالًا غير معلنين في مسرحية النفاق السياسي الإسباني. فبينما يتسابق السياسيون في مدريد على الظهور الإعلامي والاحتفال بإنجازات وهمية، يعيش السكان بين طرق ملوثة وهواء مسموم وحدائق فقدت أشجارها، وكأنهم جزء من تجربة مفتوحة لاختبار قدرة البشر على التعايش مع الفشل والإهمال.
وتبدو المدينة في النهاية كأنها تُعامل مثل “حيوان تجارب بيئي”، بينما يواصل الحزب الشعبي وحلفاؤه الاشتراكيون إرسال تقارير وردية إلى مدريد بأن “كل شيء على ما يرام”، تاركين السكان الأصليين يدفعون ثمن المسرحية بأكملها.
24/08/2025