شهد قطاع الاتصالات في المغرب خلال العام الجاري تحولات استراتيجية مهمة، بدءاً بتغيير الرئيس التنفيذي لشركة “اتصالات المغرب” بعد أكثر من ربع قرن، وصولاً إلى الاتفاق التاريخي بين شركتي “اتصالات المغرب” و”إنوي” لتقاسم البنى التحتية، ما يمهد الطريق لتعزيز التغطية الرقمية وتطوير خدمات الإنترنت. وفي خطوة نوعية، منحت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات رخصاً لإطلاق شبكات الجيل الخامس لكل من “اتصالات المغرب” و”أورونج” و”وانا”، بإجمالي استثمارات تجاوزت 2,1 مليار درهم، ما يضع المغرب على أعتاب عصر الجيل الخامس (5G) وفق خطة تستهدف استثمارات بقيمة 80 مليار درهم بحلول 2035.
ومع ذلك، يبرز التحدي الأكبر في تحقيق العدالة المجالية في التغطية الرقمية، خصوصاً للمناطق النائية والجبلية، حيث يشدد الخبراء على ضرورة اعتماد مبدأ التشاركية في نشر البنية التحتية، وإحداث مشغلين مستقلين لتوزيع الألياف وشبكات الجيل الرابع والخامس بشكل محايد. الاتفاق الأخير بين “اتصالات المغرب” و”إنوي” لإنشاء شركات مختصة بالبنية التحتية يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ يتيح تقاسم الموارد ويعزز القدرة على تقديم خدمات بأسعار تنافسية، في الوقت الذي يظل فيه غياب مشغلي بنية تحتية مستقلين عقبة أمام جذب الاستثمارات الدولية في مجالات الحوسبة السحابية والخدمات الرقمية المتقدمة.
ويؤكد الخبراء أن الاستثمار في التغطية الرقمية ليس مجرد خيار تقني، بل رافعة اقتصادية واجتماعية، إذ يسهم في تقريب الخدمات الإدارية والتعليمية والصحية من المواطنين، ويعزز السياحة المحلية ويتيح فرصاً جديدة للابتكار وريادة الأعمال في المناطق النائية. ومن هنا، يُعد تطوير النموذج التنظيمي واعتماد التشاركية، إلى جانب فتح المجال أمام مشغلي البنية التحتية المستقلين، خطوة أساسية لضمان وصول خدمات الإنترنت إلى كامل التراب الوطني، وتحويل المغرب إلى مركز إقليمي رقمي قادر على تلبية الطلب المتزايد داخل القارة الإفريقية.
25/08/2025