أعلنت مؤخرا الشركة الجهوية للخدمات بالشرق عن إطلاق صفقة ضخمة لتجديد قنوات الماء في عدة مدن ومراكز بالإقليم، بما في ذلك أزغنغان، جعدار، واحدادن، تاويمة، فرخانة وقرية أركمان ، الخ …، بقيمة مالية فاقت 3 ملايير سنتيم.
المثير للسخرية أن هذه القنوات، وفق تقارير ، لا تزال صالحة للعمل، ومع ذلك ستبدأ عملية حفر الطرق والأرصفة لتجديدها بالكامل، ما ينذر بتكرار الكارثة نفسها التي عاشتها مدن الناظور والعروي قبل سنوات، حيث لم يكتمل المشروع دون أن تترك وراءها شكايات المواطنين في المحاكم نتيجة الأشغال العشوائية والتخريب شبه المؤكد للبنية التحتية.
في كل مرة يتم فيها إعلان صفقة مماثلة، تتحوّل الشوارع إلى متاهة من الحفر والفوضى، وتصبح حركة السير كأنها رياضة مشي في التضاريس الوعرة، فيما المواطن يبقى في حالة انتظار لتغيير الوصلات التي، في معظمها، لم تكن بحاجة إلى أي تعديل.
الصفقة المعلتة هل من أجل تجديد الشبكة الصالحة أصلا ، أم سباق لتدمير الطرق؟ يبدو أن الإجابة باتت واضحة، حيث أن كل محاولة لإصلاح الشبكة المائية تتحوّل تلقائيًا إلى مشروع تخريبي للطرقات، مما يضع المواطنين في مواجهة اختيارات بين الماء الجاري والطريق السليم.
الخبراء المحليون يرون في هذا المشروع مثالًا صارخًا على الإسراف المالي وفشل التخطيط العمراني، بينما يبدو أن المسؤولين اكتفوا بإصدار البيانات الصحفية المليئة بالأرقام الضخمة، دون الالتفات إلى الضرر الفعلي الذي سيتكبده المواطنون وميزانية الجماعات المحلية.
في الناظور، يبدو أن القاعدة ثابتة: كلما زادت الأموال المخصصة للأشغال، زاد الخراب في الطرق … وازداد الغضب في قلوب السائقين والمواطنين.
إذا كان الهدف هو جعل الشوارع متحفًا مفتوحًا للحفر والفوضى، فقد نجحت الشركة الجهوية بشكل مبهر. أما إذا كان الهدف فعلاً خدمة المواطن والحفاظ على المال العام، فربما يجب انتظار المعجزات القادمة من السماء، لأن الواقع يشير إلى أن كل درهم يُنفق في هذه الصفقات يتحوّل إلى حفر جديدة على الطرقات ، وصرخة جديدة للمواطن الذي لا يجد مخرجًا من متاهة الحفر التي لا تنتهي.