يدعو عالم الآثار عبد الجليل بوزوكار إلى إعادة قراءة عصور ما قبل التاريخ بالمغرب، من العصر الحجري الأوسط إلى العصر الحجري المتأخر، في دراسة علمية حديثة نشرت باللغة الإنجليزية بمجلة المعهد الملكي للأنثروبولوجيا في بريطانيا وإيرلندا. وجاء هذا البحث ثمرة تعاون بين بوزوكار والباحث نيك بارتون من جامعة أكسفورد، والباحثتين لويز هامفري من متحف التاريخ الطبيعي بلندن، وستايسي كارولين من جامعة أكسفورد، حيث ركزوا على تحليل المعطيات الأثرية التي تم جمعها خلال العقود الماضية، وتسليط الضوء على أهمية إعادة تقييم التصنيفات والمصطلحات التاريخية المرتبطة بعصور ما قبل التاريخ في المغرب.
وأوضح بوزوكار أن إعادة التقييم شملت مسألة المصطلحات والكرونولوجيا، مشيراً إلى أن تسمية العصور الحجرية في المغرب تأثرت تاريخياً بأوروبا وفرنسا، مثل ربط العصر الحجري القديم الأوسط بالموستيري، ثم تطوير مصطلح العاتيري محلياً لتمييزه، قبل أن تتضح لاحقاً العلاقة بينهما، التي قد تشير إلى وجود مجموعتين بشريتين مختلفتين تتكيفان مع الفترات المناخية المتباينة. كما أبرز أهمية استخدام تقنيات متعددة لتحديد أعمار الطبقات الأثرية، مشيراً إلى أن الاكتشافات الحديثة قد رفعت تقديرات عمر العاتيري إلى أكثر من 150 ألف سنة، ما يعكس الحاجة إلى مراجعة التأريخ القديم اعتماداً على أساليب حديثة.
وأشار الباحث أيضاً إلى مسألة الفترات الانتقالية بين العصور، حيث كانت الفجوات الزمنية بين العصر الحجري القديم الأوسط والعصر الحجري القديم الأعلى في الدراسات السابقة نتيجة محددات تقنية، فيما كشفت الاكتشافات الحديثة عن ثقافة جديدة مؤرخة بين 27 و23 ألف سنة. وأكد بوزوكار أن جيل الباحثين الشباب بالمغرب وخارجه بدأ ينهض بأعمال علمية دقيقة تغطي الصناعات الحجرية، واستغلال الموارد، والهياكل البشرية، مشيراً إلى أن هؤلاء الشباب سيكشفون مستقبلًا جوانب مذهلة من تاريخ المغرب، ويسلطون الضوء على إرث غني ومعقد من عصور ما قبل التاريخ.
26/08/2025
