كشفت دراسة حديثة صادرة عن مجلة “الدراسات الاستراتيجية للكوارث وإدارة الفرص” أن ملف الأمن الاقتصادي العقاري في المغرب لم يعد مجرد قضية تقنية أو قطاعية، بل تحول إلى رهان وطني يرتبط بشكل مباشر بجاذبية الاستثمار، وتحقيق العدالة المجالية، وصيانة الحقوق الفردية والجماعية. وأبرزت الدراسة، التي أنجزتها الباحثة بجامعة محمد الخامس مريم البخارية، أن تعدد المرجعيات القانونية وتشتت الأنظمة وتعقيد الإجراءات الإدارية ما زال يضعف فعالية المنظومة العقارية ويقوض الاستقرار المطلوب.
وأوضحت الورقة أن هذه الاختلالات انعكست على مردودية العقار باعتباره موردًا استراتيجيًا، إذ ما تزال ظواهر مثل المضاربة والتزوير والنزاعات القضائية تفرغ الإصلاحات التشريعية من مضمونها، وتجعل من التحديث التشريعي والمؤسساتي ورشا استعجاليا لا يحتمل التأجيل. وشددت على أن تجاوز هذه الوضعية لا يتأتى عبر تعديلات جزئية أو إجراءات تقنية محدودة، بل من خلال رؤية شاملة تضع المواطن والمستثمر في صلب المنظومة، وتجمع بين وضوح النصوص وسلاسة المساطر واستقلالية القضاء، في إطار حكامة عقارية قائمة على الشفافية والمساءلة والرقمنة.
كما نبهت الدراسة إلى أن التحديات البنيوية ما زالت حاضرة رغم الجهود المبذولة، بدءًا من رقمنة الإجراءات وتحديث نظام التحفيظ، وصولا إلى المبادرات التشريعية، إذ يظل ضعف التنسيق وتعدد الأنظمة القانونية أبرز العقبات، خصوصًا في المجال القروي حيث تسيطر الأعراف والعقارات غير المحفظة. وخلصت الباحثة إلى أن الرهان لم يعد يقتصر على حماية الملكية العقارية كحق دستوري، بل يتجاوز ذلك إلى جعل العقار رافعة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المجالية، بما ينسجم مع الرسائل الملكية التي دعت إلى بناء منظومة قانونية ومؤسساتية أكثر بساطة وفعالية تعكس التوجه التنموي الجديد للمملكة.
26/08/2025