kawalisrif@hotmail.com

الحكومة الإسبانية تواجه تحديات داخلية مع الجهات في توزيع القاصرين !!

الحكومة الإسبانية تواجه تحديات داخلية مع الجهات في توزيع القاصرين !!

شرعت الحكومة الإسبانية، في خطوة وُصفت بالمفصلية، في تنفيذ مرسوم ملكي جديد يفرض توزيع القاصرين الأجانب غير المصحوبين على مختلف الأقاليم الإسبانية، وفق معايير ديموغرافية دقيقة. هذا القرار، الذي يُمثّل تحوّلًا حاسمًا في سياسة الهجرة والرعاية الاجتماعية، يأتي في سياق سعي الدولة إلى تقاسم الأعباء الإنسانية بشكل أكثر عدالة بين الأقاليم، ومواجهة التحديات المتفاقمة الناتجة عن التدفق المتزايد للمهاجرين، لا سيّما في المناطق الحدودية مثل جزر الكناري ومدينة سبتة المحتلة، اللتين أصبحتا رمزًا للاختناق المؤسساتي وتهاوي قدرات الاستقبال.

المرسوم لا يكتفي بالإعلان عن نوايا تضامنية، بل يُفعِّل آلية قانونية مُلزمة تُعرف بـ”القدرة العادية”، وتُحدَّد بـ32 قاصرًا لكل 100 ألف نسمة. هذه الصيغة تُؤسّس لمفهوم التوزيع العادل، لكنها في الوقت ذاته تُقصي الأقاليم التي تجاوزت هذا السقف، مثل كتالونيا وبلاد الباسك، من موجبات الالتزام الإجباري، وهو ما أثار حفيظة حكومات إقليمية أخرى ترى في هذا الاستثناء خرقًا لمبدأ المساواة، وتحايزًا سياسيًا فاضحًا.

مدريد، الأندلس، وڤالنسيا، التي ستتحمّل العبء الأكبر من عملية الاستقبال، دخلت على خط المواجهة، وعبّرت عن استيائها ممّا اعتبرته افتقارًا للواقعية في تصور الحكومة المركزية، خصوصًا وأن قدراتها الاستيعابية، بحسب تصريحات مسؤوليها، بلغت حدود الإنهاك. وفي هذا السياق، لم تتردد الأندلس في المطالبة باعتراف خاص بوضعها الحدودي، باعتبارها نقطة العبور الأولى، محذّرة من أن تعاظم الضغط دون تعزيز الموارد قد يُحوّل الالتزام الإنساني إلى عبء اجتماعي وسياسي ثقيل.

في المقابل، ترى الحكومة المركزية، ممثلة في وزيرة الطفولة والشباب، سيرا ريغو، أن القرار يُشكّل لحظة تحوّل أخلاقي وقانوني في التعامل مع ملف القاصرين المهاجرين، مؤكدة أن الهدف الأساسي هو ضمان استقبال كريم، عادل وموحّد، ينأى عن الحسابات الضيّقة وينتصر لقيم التضامن وحقوق الإنسان. وأوضحت ريغو أن هذا التحرك لا ينبع من ظرفية آنية، بل هو ثمرة أشهر من العمل لمواجهة ما وصفته بمحاولات العرقلة، الصادرة عن بعض الأقاليم التي ما فتئت تتنصل من مسؤولياتها.

وبين معسكر يدعو إلى التكامل الوطني وتوزيع الأعباء، وآخر يتذرّع بالخصوصية والامتلاء المؤسسي، تبدو الأزمة مرشحة للتصعيد، خاصة بعد لجوء عشر جهات تابعة لحزب الشعب، إلى جانب كاستيا لا مانتشا، إلى الطعن في المرسوم أمام المحكمة الدستورية. خطوة تلتها مبادرات مماثلة من مدريد وجزر البليار، التي هدّدت بتعليق تطبيق المرسوم مؤقتًا.

من المرتقب أن يُعقد خلال الأيام المقبلة اجتماع وزاري حاسم لتفعيل خطط النقل، والتي قد تشمل نحو 3,000 قاصر، دون احتساب أولئك الذين يطلبون الحماية الدولية، والذين يتعيّن إدماجهم مباشرة في النظام الوطني، تنفيذًا لحكم المحكمة العليا.

في ظل هذا المناخ المشحون، تبدو إسبانيا أمام اختبار حقيقي لقدرتها على التوفيق بين مقتضيات السيادة الإدارية للأقاليم، وضرورات الاستجابة لأزمة إنسانية متفاقمة، مما يستدعي تجاوز الاصطفافات السياسية والتعالي عن الحسابات المحلية، في سبيل صياغة سياسة هجرة وطنية شاملة، عادلة، ومنسجمة مع المبادئ الكونية للعدالة الاجتماعية وحقوق الطفل.

26/08/2025

Related Posts