باتت أجساد العديد من المغاربة، من مختلف الشرائح الاجتماعية، تتحول إلى مساحات فنية مزخرفة بالوشوم، تمتد من الذراع والصدر إلى العنق والأرداف. ورغم أن هذه الممارسة تُعد لدى البعض فنا ملهمًا ووسيلة للتعبير عن الذات، إلا أن المختصين يحذرون من مضاعفاتها الصحية، سواء بسبب استخدام أصباغ ممزوجة بمواد كيميائية قد تسبب التهابات وتشوهات، أو بسبب أجهزة لا تراعي شروط التعقيم، ما يجعل العملية محفوفة بمخاطر انتقال أمراض معدية. وبين من ينظر إليها كزينة عابرة ومن يعتبرها تمردًا على الهوية الجماعية، تظل الظاهرة مثار نقاش واسع في المجتمع المغربي.
النقاش الديني يضع الوشم في خانة المحرمات، استنادا إلى ما ورد في السنة من لعن للواشم والموشوم، باعتباره تغييرا لخلق الله. الدكتور محسن اليرماني، الباحث في الفكر والعقيدة، أوضح أن علماء المسلمين يجمعون على تحريم الوشم الدائم، مشيرا إلى أن الإقبال عليه يعكس تأثرا بثقافة الغرب وتقليدا لنجوم الفن والرياضة، فضلا عن كونه دليلا على اضطراب نفسي ورغبة مبالغ فيها في لفت الانتباه وإثبات الذات. ويرى اليرماني أن الظاهرة تكشف عن حالة من الذوبان الثقافي والابتعاد عن الهوية الدينية، في ظل جهل الكثيرين بأحكام الشرع.
من منظور علم النفس الاجتماعي، يقرأ الوشم كفعل رمزي يتجاوز البعد الجمالي ليصبح وسيلة لتأكيد الهوية الفردية والتميّز عن الآخرين. الدكتور كمال الزمراوي، أستاذ بجامعة القاضي عياض، اعتبر أن الوشم يعبر عن تمرد على القيم والمعايير السائدة، في محاولة لبناء هوية بديلة متحررة من سلطة المؤسسات التقليدية كالعائلة والمدرسة. وأضاف أن الظاهرة قد تتحول أيضا إلى هوية جماعية مشتركة تُبنى حول انتماءات دينية أو لغوية أو سياسية أو حتى رياضية، فضلا عن كونها آلية نفسية لمواجهة الأزمات والصدمات الشخصية أو الاجتماعية، إذ تمنح الأفراد متنفسا ورمزا للتوازن الداخلي في مواجهة الضغوط.
27/08/2025